وزيرة الجيشِ الأمريكيِّ ” كريستين ورموث”: خمسةُ دروسٍ مُستفادةٌ من النزاعِ الأوكرانيِّ

“يراقب الجيش الأمريكي التعثُرَ الروسي عن كثبٍ بدءاً من الطائرات المُسيَّرةِ وصولاً للهواتف النقّالة، وبالتالي لن يُكرر هذه الأخطاء في النزاعات المقبلة”.

• المصدر: مجلة Breaking Defense
• الكاتب: آندرو إيفرسدن – حزيران – يونيو 2022
• ترجمة: الخطابي للدراسات أذار- مارس

وفَّرَ الغزو الروسي لأوكرانيا، لقادة الجيش الأمريكي العديد من الدروس عن الحروب المقبلة، بدءاً من كيفية قيادة القوات وحتى حماية الجنود من هجمات الطائرات المُسيَّرة والاتصالات غير الآمنة، كما ذكر ذلك أحد كبار الموظفين الحكوميين في وزارة الدفاع الأمريكية.

قالت وورموث[1]:” نتابع بدقة ما يجري في أوكرانيا يومياً، ونراقب عن كثب ما يجري للجيش الروسي ونحاول استخلاص ما أمكننا من الدروس، كي نستطيع الاستفادة منها في جيشنا مستقبلاً.

وقال قادة الجيش أن الجهود الروسية الضخمة في التحديث- والتي سبقت الغزو الروسي وتراوحت ما بين المروحيات وحتى تأمين الاتصالات -وُضِعَت على المحكِّ خلال النزاع، وأثار القتال أسئلةً حول احتمالية الوجود الدائم للقوات الامريكية في أوروبا لردع روسيا.

وقالت وورموث: ” يدور جوهر المناقشة الآن حول أفضل وسيلة ردع وأكثرها فعالية، وأعتقد أنك

سترى وضعاً أفضل بكثير مما هو الحال الآن فيما لو كنا الطرف الذي يقاتل روسيا.  ومع دخول الصراع شهره الرابع، سَلَّطَت وورموثُ الضوءَ على خمسة دروس يمكن للجيش أن يستفيد منها.

أهميةُ القيادةِ في ساحةِ المعركةِ:

قالت وورموث: بغض النظر عن التقنيات والمعدات، يسلِّطُ الفشلُ الروسي في أوكرانيا الضوءَ على أهمية القيادة والتدريب والانضباط. فالجيش الروسي يفتقر إلى فيلق ضباط الصف، الذين يمتازون بأهمية كبيرة في الجيش الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، فأغلب الجنود الروس من المجندين الذين يفتقرون للتدريب الكافي. وأعتقد أن الجرائم التي يرتكبها الجنود الروس بحق المدنيين ترجع بشكل مباشر إلى افتقارهم إلى القيادة والتدريب والانضباط الذي يظهر أنهم يفتقدونه.

 وأضافت:” ضباط الصف هم العمود الفقري للجيش الأمريكي، وهذا يُعطي الجيش الأمريكي مزيةً كبيرةً للغاية”.

وفي نفس السياق، قالت:” بَذَلَت قيادة الجيش الروسي جهوداً مُضنيةً لتفويض مهام ساحة المعركة للقادة من مستويات أدنى، مما قد يؤدي لشلِّ التكتيكات ويوقع الضباط الكبار في مأزقٍ.

وبحسب، ما ورد فقد قُتِلَ اثنا عشر جنرالاً روسياً في أوكرانيا حتى الآن، ويرجع ذلك جزئياً إلى توليهم القيادة من الخطوط الأمامية.  التفويض هو قوة الولايات المتحدة”.

اللوجستيات، اللوجستيات، اللوجستيات

عانى الجيش الروسي في تحريك معداته في ساحة المعركة أثناء الصراع-وهو ما أوقع روسيا في الحرج، خاصةً أن أوكرانيا تقع على الحدود الغربية لروسيا- مما يؤكد أهمية الخدمات اللوجستية في هذا الصراع الذي طال أمده.

وقالت وورموث:” بدا الضعف الروسي جلياً في الخدمات اللوجستية” وأضافت:” أن القدرات اللوجستية للجيش ” نقطة قوة”، وكان الصراع بمثابة تذكير أن الخدمات اللوجستية هي العامل الرئيسي في أي صراع محتمل مستقبلاً، وخاصةً عبر المساحات الشاسعة ما بين المحيط الهندي والمحيط الهادي، وأن الجيش سيؤدي دورا محورياً في الخدمات اللوجستية في المحيط الهادئ”.

“و أحد الأسباب: أننا نستثمر في المزيد من المراكب الحديثة لنصبح قادرين على نقل الإمدادات والجنود عبر المحيط الهادئ، حيث ترى أن هناك مساحات شاسعة لا تُصَدَّقُ”

 تقليلُ البصمةِ الإلكترونيةِ ومخاطرُ الهواتفِ النقالةِ

 يتجلى تدهور الأداء الروسي أيضاً في الاتصالات مما يثير التعجب، شمل ذلك الجنود الذين استخدموا هواتفهم النقالة، ففي كل مرة يستخدمون هواتفهم يجعلون من أنفسهم أهدافاً سائغةً لعدوهم. بذل الجيش-وبخاصة قسم الشبكات- كل ما بوسعه لإخفاء الإشارات الإلكترونية القادمة من موقع القيادة خلال السنوات القليلة الماضية كـ جزء من إستراتيجية التحديث. ينشئ الجيش شبكته باستخدام مجموعة متنوعة من أدوات الشبكة، بما في ذلك الترددات وأشكال الموجات، لتقليص قدرة العدو على تحديد مكان قواتنا باستخدام الطيف الكهرومغناطيسي.

وقالت وورموث: أثبتت حرب روسيا أهمية هذا الأمر.

وأضافت”: يتوجب علينا إيجاد طريقة نقلل فيها من بصماتنا الإلكترونية-بصمات تشكيلاتنا الإلكترونية- في ساحة المعركة قدر الإمكان، لأن ساحة المعركة في المستقبل ستكون مكشوفةً بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الجيش أن يأخذ في الاعتبار انتشارَ الهواتف النقالة في كل مكان بين الجنود الأمريكيين. علينا أن نفكر في ذلك، معظمُ جنودنا معتادون على حمل هواتفهم النقالة أينما ذهبوا”

الاستعدادُ لمكافحةِ الطائراتِ المسيرةِ:

أثبتت ساحة المعركة في أوكرانيا فعالية عمل النظام الآلي المستخدم في آي إس آر “الاستطلاع والرصد وجمع المعلومات” مع الهجمات النشطة والاستهداف المدفعي. أصبحت القوات الأوكرانية قوية ولاسيما في استخدامهم للطائرة المسيرة التركية بيرقدار تي بي 2 لاستهداف المدرعات الروسية.

كان الجيش الأمريكي يراقب التهديدات التي تمثلها الطائرات المسيرة لسنوات، وبشكل خاص في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو-كاراباخ. وقد اعتبر رئيس أركان الجيش جيمس ماكونفيل الطائرات المسيرة شبيهة بالعبوات الناسفة التي قتلت الأمريكيين في العراق وأفغانستان. الجيش هو رائد جهود مكافحة الطائرات المسيرة في وزارة الدفاع.

وقالت وورموث: ستشكل الطائرات المسيرة والأنظمة الآلية تحديات جمّة لنا، ومرة أخرى، هذا جزء من تطلعنا لتحديث نظام الدفاع الجوي والصاروخي عندنا”

حافظْ على مخزونِ ذخائرِكَ:

أرسل الجيش الأمريكي أسلحة بقيمة مليارات الدولارات إلى أوكرانيا، بما في ذلك صواريخ جافلين وستنغر منذ بدء الحرب. ومنذ ذلك الحين، عَمِلَ قادةُ الجيش والصناعة لتعويض النقص في هذه الذخائر ولاسيما مضادات الدروع ومضادات الطيران.

وأكَّدَت حربُ أوكرانيا أهميةَ الحفاظ على قواعدنا الصناعية ومخزون ذخائرنا”، الذخائر ستكون مهمةً جداً في المستقبل ولا سيما إذا دخلنا صراعاً طويلَ الأمد” كما تكلـمت بذلك مووروث.

قبل أسبوعين، منَح البنتاغون عقد شراكة بين لوكهيد و رايثيون بقيمة ثلاثمئة وتسعة ملايين دولار لشراء صواريخ جافلين لإعادة ملئ المخازن الأمريكية. وفي نهاية الأسبوع الماضي منحت الإدارة لشركة رايثيون حوالي ستمئة وخمسة وعشرين مليون دولارٍ لتعويض النقص في صواريخ ستينغر. وقالت وورموث: المحادثات مستمرة مع الشركات المصنعة للأسلحة.

وقالت:” نتحدث مع الشركات المصنعة بشكل أوسع حول مانستطيع فعله لتخزين المواد المصنعة من الرصاص مدةً أطول لاستخدامها في صناعة ذخائر حساسة في المستقبل”.


Breaking Defense : مجلة رقمية حول استراتيجية وسياسة وتكنولوجيا الدفاع ومجالات الحرب الجديدة والمشهد العسكري والسياسي، ومقرها في مدينة نيويورك.

الكاتب: أندرو إيفرسدن


[1] كرستين إليزابث ورموث (أبريل 1969)، هي مسئولة دفاع أمريكية وموظفة مدنية ووزيرة الجيش الأمريكي منذ 2021، كأول امرأة تتولى هذا المنصب. كانت ورموث وكيل وزارة الدفاع للسياسات من 2014 حتى 2016.

المقالة السابقة
تحليل : نظرة على زلزال تركيا وسوريا
المقالة التالية
العقيدة العسكرية : الخصائص والتكوين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed