طوفان الأقصى ومعارك الاستنزاف (الفرص والتهديدات)

لا توجد تعليقات

تقدير موقف
الكاتب: عبدالله أمين
أيار – مابو 2024

لما كان الحكم على شيء فرعٌ من تصوره، ولما اقترن مصطلح “حرب الاستنزاف” بالمناوشات التي كان يشنها الجيش المصري على قوات العدو الإسرائيلي المتمركزة على الحافة الشرقية من قناة السويس بعد احتلاله لشبه جزيرة سيناء بعد حرب الأيام -اقرأ الساعات- الستة عام 1967، والتي استمرت حتى عام 1970، إذ تكبد العدو الإسرائيلي في هذه المواجهات خسائر بشرية ومادية من حيث الكم والنوع، وهذا المصطلح -حرب الاستنزاف- ارتبط بهذه الأحداث وتلك النجاحات، والتي مهدت لحرب تشرين الأول – أكتوبر 1973 التي بدأت بنصر عسكري ميداني، وانتهت بمصيبة سياسية، لما كان الموقف على ما قيل سابقاً من حيث اقتران المصطلح بإنجازات ظن البعض أن طريقة العمل هذه تصلح لكل مكان، وفي أي زمان متناسيين أنه لا يمكن أن تتشابه معركتان أو حربان مع بعضهما البعض؛ حتى لو اشتركتا في بعض المتشابهات، وتقاطعتا في بعض المحطات. إن معركة طوفان الأقصى طالت واستطالت، وجرى من تحت جسرها مياه كثيرة، واستُخدِم في توصيفها أسماء ومصطلحات دون النظر في مدلولاتها أو مقتضياتها، وكان يطرق سمعنا في الآونة الأخيرة من أنها -معركة طوفان الأقصى- دخلت مرحلة الاستنزاف، أو أنها حرب استنزاف تشنها قوى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتاب الشهيد عز الدين القسام على عدوها الصائل الذي يفسد الدين والدنيا، ولما كان هذا المصطلح بحاجة إلى ضبط وتعريف وتفصيل في المقتضى والمدلول كانت هذه الورقة التي ستناقش هذه المسألة -حرب الاستنزاف- عبر مجموعة من العناوين والمفاصل، علّنا نسهم بشيء بسيط في توسيع الفهم، وتعميق المعرفة في معركة أقعدتنا الذنوب عن أن نكون منخرطين فيها حقاً وحقيقة، وإلى الله المشتكى.
في هذه الورقة لن نُعرّف الحرب فكلنا بات يدرك أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل خشنة. ولن نأتي على أنواعها ونفصّل فيها، فهذا النشاط الإنساني الأعقد قد يكون خاطفاً أو متدحرجاً أو ناعماً فضلاً عن إمكانية تحوله إلى مستنزفٍ. كما أننا لن نخوض في أنواع مناورتها وطرق عملها التعبوية والتي قد تكون على شكل عمل جبهي، أو خرق لخطوط العدو، أو تطويق وإحاطة له من جهة أو جهتين. كما أننا لن نكثر الحديث في أهداف العمل العسكري التعبوية والتي لا تتجاوز الاحتلال أو السيطرة أو التأمين أو التعزيز، وكل هذه المصطلحات يعرف أهل الفن والكار مدلولاتها، وما ينبني عليها، ومتطلبات كل واحدة منها، فيكفي أن يقول القائد: المهمة هي تأمين الهدف الفلاني؛ ليشتق ضباطه المحترفين من هذه المهمة عشرات المهام والإجراءات التي تفضي إلى التأمين.

المقالة السابقة
الضفة الغربية واليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة
المقالة التالية
الآميسايد ظاهرة القتل الخطأ في الجيوش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed