تحت المجهر : قوات الدعم السريع السودانية
مركز الخطَّابي للدراسات – 16 أبريل / نيسان 2023
نظرة على قوات الدعم السريع:
- يعود إلى تاريخ تكوين هذه القوات إلى 2014، في عهد “عمر البشير” (الرئيس السابق).
- انبثقت “قوات الدعم السريع” عن مليشيا الجنجويد المسلحة التي قاتلت في دارفور واستخدمها نظام البشير لمساعدة الجيش في إخماد التمرد.
- قائد قوات الدعم السريع هو الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب بـ”حميدتي”.
- يُقدر عدد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف ينتشرون في قواعد مختلفة داخل السودان.
- عام 2015، بدأت قوات الدعم السريع مع الجيش السوداني في إرسال قوات للاشتراك في الحرب في اليمن، ما سمح لحميدتي بإقامة علاقات مع الدول الخليجية.
- رفض الجيش السوداني إلحاق هذه القوات بالجيش السوداني بسبب تكوينها الذي يعتمد على مكونات قبلية محددة.
- تم إلحاق قوات الدعم السريع بجهاز الأمن والمخابرات، وفي عام 2017 أصبحت قوات منفصلة بيد رئيس الجمهورية.
- بعد اندلاع ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 أظهر قائد قوات الدعم السريع “حميدتي” تعاطفا مع الثوار على الرغم من اتهامات طالت بعض قواته بالمشاركة في قمع الاحتجاجات الشعبية.
- بعد الإطاحة بالبشير في عام 2019، رفض “حميدتي” العمل مع رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق عوض بن عوف، مما عجّل بانسحابه وتعيين الفريق الأول عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان خلفا له..
- وقع حميدتي اتفاقاً لتقاسم السلطة جعله نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم، الذي يرأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
الخلاف الجوهري:
في 5 كانون الأول/ديسمبر 2022، وقّع إعلان الحرية والتغيير “اتفاقًا إطاريًا” مع الجيش السوداني يرمي إلى تدشين مسار جديد ينتهي إلى إرساء الحكم المدني في السودان. وأعلن “حميدتي” أيضاً دعمه للاتفاق “الإطاري” باعتباره “المخرج الوحيد للأزمة”، وقال إنه لا يمانع في دمج قوات “الدعم السريع” في الجيش وتنفيذ الإصلاح الأمني العسكري.
من جانبه قال “البرهان” قائد الجيش، إنه يدعم الاتفاق الإطاري “لأن به بنداً مهماً وهو دمج “قوات الدعم السريع” في الجيش.
لكن سرعان ما نشب الخلاف بين الفريقين، بشأن دمج تلك القوات في الجيش ضمن ما يسمى بـ “الإصلاح الأمني والعسكري” للقوات السودانية، حيث طالب الجيش بعملية دمج سريعة تنتهي مع نهاية الفترة الانتقالية، بينما طالب “الدعم السريع” بأكثر من 10 سنوات حتى إتمام عملية الدمج.
حميدتي بحسب المراقبين، يفكر في الانتخابات للانفراد والاحتفاظ بالسلطة وإبعاد قيادة الجيش عن الحكم المدني في السودان، وشرع لأجل ذلك في تكوين تحالف يعتمد على أعيان القبائل وزعماء الطرق الصوفية، وبعض القوى المدنية المهيمنة على الفترة الانتقالية.
هذه الخطوات التي أقلقت كبار قادة الجيش الذين يرون في هيمنة “حميدتي” على السلطة تهديداً أمنياً، خاصة إذا ما كانت سلطة “حميدتي” مصحوبة بقوات مستقلة عن الجيش؟ وأمام طموحات “حميدتي” ورغبة الجيش بدور سياسي في حكم “السودان”، ضغطت قيادات الجيش على البرهان للبدء بدمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني والسيطرة عليها…باعتبارها قضية أمن قومي مستعجلة.. ويرى الجيش السوداني أن إنجاز الدمج لا يحتاج سوى عدة أشهر باعتبار أن الدعم السريع قوة عسكرية منظمة ولها سجلات حكومية.
ولأجل هذه الغاية حصلت العديد من الجلسات لكنها فشلت حتى الآن في تقريب وجهات النظر وإيجاد مخرج للأزمة، ما دفع الطرفين للحشد العسكري في العاصمة الخرطوم والمناطق المحيطة بها.
حميدتي، خارج السودان
- يعتمد “حميدتي” على حلفاء إقليميين مثل أبو ظبي والرياض.
- في 2022، زار دقلو (حميدتي) روسيا وأعرب عن انفتاحه على بناء قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر.
- تتهم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة “حميدتي” بالتواصل مع شركة فاغنر الروسية ما أوصد أمامه أبواب التواصل مع واشنطن التي تراه مجرد قائد مليشيا.
- الموقف ذاته يجعل حميدتي في مواجهة مع مصر التي ترتاب أيضاً من تقاربه مع أثيوبيا، التي تحتضن بعض استثماراته التجارية عدا عن الروابط القبيلة لمنتسبي الدعم السريع.
روسيا والولايات المتحدة، بين الجيش والدعم السريع
- تشمل مصالح روسيا في السودان كل من التعدين – وخاصة الذهب – وصادرات القمح والأسمدة الروسية للسودان، والمضي قدما في اتفاق بناء قاعدة روسية في بورتسودان على البحر الأحمر، كأول قاعدة بحرية روسية في أفريقيا.
- في تقرير سابق لها قالت “الفورين بوليسي” إن الأحلام الروسية في إنشاء القاعدة البحرية تبدو صعبةً بسبب تعارضها مع الديناميكيات الداخلية للقيادة العسكرية السودانية، فعلى الرغم من أن حميدتي قد احتضن موسكو، إلا أن قائد الجيش “عبد الفتاح البرهان”، سعى إلى تجنب تنفير الولايات المتحدة وجيرانه المصريين فأوقف بناء القاعدة…
- تقول التقارير الغربية التي نقلتها “ميدل إيست” إن وجود مجموعة فاغنر في السودان مرتبط بقائد قوات الدعم السريع، كمان أن لحمديتي علاقات وثيقة مع موسكو، التي زارها مع بدء الحرب في أوكرانيا، وأعاد معه إلى اقتراح بناء القاعدة البحرية، لكن البرهان بقي معارضاً للاقتراح الروسي.
- على الجانب المقابل، على الرغم من تشجيعها للتحول الديمقراطي في السودان، لكن توجهات “حميدتي” وعلاقته مع روسيا، يجعل من الولايات المتحدة أقرب للبرهان وقوى الجيش، خصوصا مع محاولات القاهرة المستمرة في تعزيز علاقة واشنطن بالقوى المؤيدة للبرهان، عبر صلاح قوش، رئيس المخابرات السوداني السابق المقيم في القاهرة. والذي مهد الطريق لعملاء المخابرات السودانية لزيارة واشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي، حسب موقع ميدل إيست أي.
ما يجري حالياً يقود إلى احتمالين:
1- تدخّلات ووساطات (خارجية)، تعيد ترتيب الوضع بين البرهان وحميدتي.
2- استمرار الاشتباكاتٍ بين الجيش والدعم السريع والدخول في نفق مظلم وهو ما يضعنا أمام سيناريوهات عدة لهذه المواجهة العسكرية.
المواجهة العسكرية:
مع دخول المعارك يومها الثالث، تتواصل حالة الغموض بشأن مآل المواجهات وحقيقة الأوضاع داخل الخرطوم وباقي الولايات السودانية خصوصاً بظل التضارب الكبير في الروايات بين الجيش وقوات الدعم السريع وادعاء كلا الطرفين السيطرة على مجريات المعارك. ويعتقد أن التصريحات والبيانات المتداولة لأطراف النزاع تمثل جزءاً من الحرب الإعلامية والنفسية بين الطرفين، حيث يصور كل طرف لأنصاره – داخل السودان وخارجه – أفضليته على الطرف الآخر واقتراب حسمه من المواجهة خلال ساعات أو أيام.
وفي الوقت الذي تستمر فيه معارك الكر والفر بين الطرفين داخل الخرطوم وحول المنشآت الإستراتيجية للدولة والقواعد العسكرية الهامة، لا يبدو أن لطرف اليد العليا على الطرف الآخر حتى الآن وإن كان هناك أفضلية نسبية في بعض المناطق لصالح الدعم السريع التي كان يتوقع انهيارها أمام تنظيم الجيش وقوته.
نظرة على إمكانيات طرفي النزاع:
الجيش السوداني:
- يبلغ المرتبة 75 عالمياً من حيث الترتيب والقوة
- عدد قواته نحو مئتي ألف جندي (مئة ألف قوات عاملة – خمسون ألف احتياط -خمس وخمسون ألف قوات شبه عسكرية)
- يمتلك مئة وإحدى وتسعون طائرة -مئة وسبعون دبابة -سبعة آلاف مركبة.
- تنتشر في معظم أنحاء البلاد
قوات الدعم السريع
- نحو مئة ألف عنصر
- عشرة آلاف سيارة رباعية الدفع
- أسلحتها متنوعة بين مضادات الطائرات وبعض المدافع
- يتركز وجودها في الخرطوم والمناطق الحدودية وتسيطر على مناجم الذهب.
نقاط مهمة في ميزان المواجهة
يمتلك الجيش السوداني ميزات نسبية إذ إن أسلحة الجو والمدرعات والمدفعية تمثل قوة ضاربة بينما تعتمد قوات الدعم السريع على ناقلات جند سريعة بجانب مضادات للدبابات ومضادات للطائرات، والتي لن تكون كافية لمواجهة الجيش السوداني.
بالمقابل، هنالك من يرى أن الدعم السريع بات قوة قتالية عالية الكفاءة خاصة بعد تجارب مشاركته في حرب اليمن، كما أن أسلحة الجيش ذات الأفضلية لا يمكن استخدامها داخل المدن بفعالية كبيرة.. كما أن قوات الدعم السريع تمتلك خفة عالية في الحركة والانسحاب والهجوم.
وهنالك من يرى أن جزءاً من الشارع السوداني سيكون بجانب قوات الدعم السريع التي تدعم تطلعاته في الحكم المدني، بينما قد يحظى الجيش بدعم بعض القوى الإسلامية.
سيناريوهات مرجحة لمصير المواجهة في حالة عدم التوصل لحلول مرضية للطرفين:
في حال فشل جهود الوساطة الداخلية أو الخارجية لفرض التهدئة بين الطرفين، تبرز أمامنا عدة خيارات لمستقبل الصراع وأبرزها:
- انتصار حاسم للجيش وانتقال المعارك لبعض الولايات الحدودية مع بقايا قوات الدعم السريع.
- انتصار قوات الدعم عبر قتل أو القبض على قيادة الجيش والسيطرة على مواقعه الإستراتيجية.
- النموذج الليبي: سيطرة أحد الأطراف على الخرطوم واستمرار الصراع في بقية الولايات والدخول في صراع قبلي أو تدخل ميليشيات أخرى في الصراع.