كيف نطيل من أعمار الطائرات المُسيرة؟

الكاتب | د. جاك واتلينج ” باحث مختص بالحرب البرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة | RUSI “

ترجمة : الخطابي للدراسات / يونيو – حزيران 2023

تتصاعد الخسائر في الطائرات المُسيرة في أوكرانيا لدى طرفي الحرب كثيراً، لكن يمكن إطالة أعمار الطائرات المُسيَّرة عبر بذل بعض التضحيات التجارية والدعم.

ما الذي يُسْقِطُ الطائرات المُسيَّرة؟

  • التشويش والاختراق عبر السيطرة على الترددات.
  • حجب الملاحة من الأقمار الصناعية.
  • عملية الإشباع الإلكتروني.
  • الإسقاط بالنيران.

تقع معظم الخسائر في المسيرات من نوع دي جاي آي DJIs، وهي مُسيَّرات تجارية دون أي تدريع، حيث استُخدِمت لدعم عملية زرع الهزيمة في نفوس العدو، والشركة المُصنِّعة لها تريد تصديرها وبيعها للمدنيين، وبالتالي يجب أن تكون ضمن اختصاص قوات إنفاذ القانون.

القاعدة الأولى هي: لا تستخدم البرامج الثابتة المتاحة للجميع لتشغيل الطائرات المُسيرة، والتي يمكن للعدو استغلالها، وغيِّر النظام المستخدم دورياً، بحيث لا يستفيد العدو عندما يستولي على طائرة مُسيرة، فيكتشف عندئذٍ أنه يطارد هدفاً متحركاً.

للتغلب على التشويش يمكنك استخدام شارة راديوية محددة مزوَّدة ببرنامج القفز على الترددات، رغم أن هذا مكلف. ويمكن الاستعاضة عنه باستخدام مُسيَّرة تتبع نظام العودة التلقائية بعد تنفيذ أوامر محددة. لاتباع هذه الأوامر تحتاج المسيرة أن تعرف مكانها في الأوقات كافة[1].

الطريقة الأولى: الملاحة الصادرة عن الأقمار الصناعية، لكن هذا مُعرَّض لخطر المحاكاة أو التشويش، لذا تحتاج ملاحةً بالقصور الذاتي، ولكي تعمل المُسيَّرات تحتاج أن تعرف المُسيَّرة المعلومات الملاحية الواردة من القمر الصناعي الذي تتداخل معه وإلا ستصبح نقطة العودة لها أرضاً ضمن العدو.

(مثلاً) المُسيَّرات الإيرانية مزوَّدة في الغالب بأربعة أوخمسة هوائيات تقارن الشارات الواردة من أقمار جلوناز وغاليليو وجي بي إس وبيدو لمعرفة فيما إن كانوا يقدِّمون قراءات مختلفة كثيراً، كما يقارنون شارات الاتجاه لمعرفة فيما إن كان ثمة تضارب في الشارات.

فإذا وجدت هذه المُسيَّرات تضارباً في الشارات فإنها تعود إلى الملاحة بالقصور الذاتي، فتحسب سرعتها وارتفاعها من آخر موقع معروف لها وتضيف البيانات الأخرى من المجسات لتأكيد موقعها، وكلما زاد عدد المجسات زادت الدقة، لكن تزيد التكلفة أيضاً.

يستطيع العدو إحباط الملاحة بالقصور الذاتي عبر زيادة الحمل على الأجهزة الإلكترونية، فإذا عرفتَ الرقائقَ الإلكترونية في المُسيَّرة يمكنك إشباع أجزاء محددة من إليكترونياتها مما يؤدي إلى إتلافها.

للتغلب على هذه الطريقة يمكن تدريع الإلكترونيات، وهي عملية يسيرة، لكن يمكن أن تكون ثقيلة وضخمة، فيما يلي الدرع الذي يحمي “دماغ” طائرة شاهد-136 مثلاً، وزيادة الوزن تعني احتياج الطائرة إلى محرِّك أكبر حجماً.

المسيرات الكبيرة لها بصمة رادارية أكبر، على افتراض أننا لا نستخدم مواد امتصاص للشارات الراديوي -فهذا يعني تكلفة كبيرة- وبالتالي فهي أكثر عرضة للكشف والإسقاط.

أساليب نافعة لتجنب الإسقاط بالنيران تعود إلى: رسم المسار وإلى مهارة المشغِل، والاستفادة من التضاريس للتخفي والظهور المفاجئ والبقاء عالياً لتجنب المشاة، وهذا يتطلب بالطبع صورة استخبارية لموقع العدو.

رسم الطريق بعناية يمكن أن يقي من التشويش أيضاً، فإذا عرفت أجزاءً من الطيف الكهرومغناطيسي، يمكنك استخدامه كخريطة لرسم مسار حول مناطق التداخل الكثيف أو على امتداد نقاط التماس بين أجهزة التشويش حيث ستقاوم المجسات على متن الطائرة تأثيراتهم.

يستطيع المشغِّل الماهر إطالة حياة الطائرة المسيرة كثيراً، فأشياء من قبيل قراءة المسح الإلكترومغناطيسي تعتمد على المهارة، لذا تحتاج عملية تدريب مستمرة للمشغِّلين، وهذا يتطلب وقتاً ومالاً، وهذا منوط بالإمكانيات المالية.

لا يمكنك التخطيط لإجراء المسح الإلكترومغناطيسي ما لم تكن لديك القدرة للحصول عليها في الوقت الفعلي. وربما يتطلب هذا مجموعة الأقمار الصناعية نيو، وبرمجيات لربط المعلومات الواردة منها، والبنية التحتية لإدماجها في برنامج رسم المسار.

وهذا هو المغزى من هذه التغريدات، فإذا اتبعت المسار الرخيص خسرت الكثير من المسيرات، فتكاليف إجراءات الحماية في ازدياد مضطرد، مثلاً: تدريع الإلكترونيات في شاهد-136 (والتغييرات الأخرى) قفزت تكلفتها من عشرين ألف دولار إلى أربعين ألف دولار.

الملاحة الجيدة بالقصور الذاتي والمجسات اللازمة لها رائعةٌ، لكنك ستنتهي بطائرة أورلان-10 التي يتراوح سعرها ما بين ثمانين ألف دولار ومئة وعشرين ألف دولار، حسب ما تحمله.

أتوقع أن تطول أعمار المسيرات الأوكرانية بمرور الوقت، كلما حصلت أوكرانيا على مزيد من الطائرات المُسيَّرة ذات المواصفات القياسية للأغراض العسكرية. لكن سيبقى الطلب على المسيرات الرخيصة محتدماً طالما يريد كل فصيل أوكراني طائرة مسيرة له لأعمال الاستطلاع.

السؤال المهم بالنسبة للدول التي تعمل على إدماج المسيرات ضمن قواتها ما السعر الملائم لها؟ وما المواصفات التي لا يجوز لهم القبول بما دونها؟

ملاحظتي الأخيرة هي أن نشاط المسيرة ومضاداتها، شبيهة جداً بالقط والفأر، ستكون غبياً إذا حصرتهم في نظام واحد، فمزايا اتباع نظام طبقات متعددة والقدرة على التطوير المتكرر حسب تطور التهديد، لا تخطئها عين.


[1] The Missile Knows Where It Is… – YouTube

المقالة السابقة
كوسوفو وصربيا، صراع لا ينتهي….
المقالة التالية
رُوسْيَا تَتَعَلَّمُ من أَخْطَائِهَا الفَّادِحَةِ وَتُغَيِّرُ تَكْتِيكَاتِهَا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed