فايننشال تايمز – تقرير : كيف غيرت أخطاء روسيا والمقاومة الأوكرانية حرب بوتين

2 تعليقان

تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية

  • إن القافلة الروسية التي امتدت لمسافة 65 كيلومترا والتي كانت عالقة لأيام خارج كييف توضح بدقة أن اعتقاد موسكو في إمكانية تحقيق نصر سريع في أوكرانيا كان في غير محله.
  • يقول محللون عسكريون غربيون إن القيادة الروسية اعتقدت في البداية أن “عمليتها العسكرية الخاصة” ستصل العاصمة وغيرها من المدن الأوكرانية الكبرى في غضون أيام، مما يجبر حكومة زيلينسكي على الاستسلام والسماح بتنصيب إدارة “دمية”.
  • يقول مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في CNA، وهي مؤسسة فكرية أمريكية: “من الواضح أن روسيا كانت تسعى إلى تغيير النظام في أوكرانيا”. “غالبا ما تنبثق عمليات تغيير النظام من الغطرسة والافتراضات السيئة – وعادة ما تسوء بشكل رهيب”.
  • لم يسر الغزو الروسي كما هو مخطط له، لكنه حقق مكاسب إقليمية، لا سيما في جنوب أوكرانيا حيث أفادت تقارير أن قواتها أنشأت ممرا بريا يربط شبه جزيرة القرم بمنطقة دونباس التي كانت تحت سيطرة الانفصاليين المدعومين من روسيا قبل الحرب.
  • أدت الإخفاقات الأولية إلى بداية مرحلة جديدة من الصراع تتميز بقصف مكثف لمناطق مكتظة بالسكان مثل خاركيف وماريوبول – وهو تكتيك استخدمته روسيا سابقًا في الشيشان وسوريا.
  • يقول الخبراء العسكريون إن مشاكل روسيا تنبع من عدم التنظيم وضعف الأداء والثقة الزائدة؛ وجاهزية الجيش الأوكراني، المدعومة بالسلاح ونصائح أعضاء حلف الناتو العسكري.

إليكم تشريحاً للمرحلة الأولى من حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: كيف انهار غزو ثلاث جبهات بمواجهة المقاومة الأوكرانية الشرسة، وما هي أوجه القصور الروسية؟

بُنِيَت العملية الروسية في الساعات الثمان والأربعين الأولى من الحرب على خطة للتحرك السريع باتجاه المراكز الحضريَة (المدن)، مما سيجبر رؤساء البلديات والمسؤولين المحليين على الخضوع. لكن في مواقع متعددة، لا سيما في شمال أوكرانيا، سرعان ما تجاوزت هذه الوحدات خطوط الإمداد الخاصة بها….

  • في مدينة سومي الشرقية، على سبيل المثال، صور السكان المحليون القوات الروسية وهي تغادر بعد أن أوقفت سياراتهم.
  • يقول المحلل بوكالة “جينس” العالمية للاستخبارات الدفاعية، توماس بولوك: “يمكننا أن نفترض أن هذا بسبب مشاكل الإمداد (نفاد الوقود أو الذخيرة).
  • يشير الفشل في تحقيق الاستقرار في خطوط الإمداد هذه إلى أن روسيا لم تكن تخطط لأي احتمال آخر، لا سيما عدم استمرار العملية لأكثر من ثلاثة أو أربعة أيام.
  • يقول كوفمان: “من الواضح أن القيادة السياسية الروسية اعتقدت أن بإمكانها تحقيق مكاسب سريعة دون تدمير المناطق الحضرية أو الاضطرار إلى الاشتباك الجاد مع القوات الأوكرانية”.

لم يترك الروس الوحدات اللوجستية وراءهم فحسب، بل فشلوا أيضا في حمايتها بالمشاة أو الغطاء الجوي، مما خلق فرصا للأوكرانيين لإخراجهم وعزل الوحدات عن الجبهة.

  • يقول كوفمان: “القوات الأوكرانية كانت قادرة على امتصاص الصدمة النفسية الأولية للهجوم، إنهم ينظمون أنفسهم، ويستقدمون قوات الاحتياط، ويوزعون الأسلحة، وسرعان ما يمتصون الزخم الروسي”.
  • تضمنت تكتيكات أوكرانيا اتخاذ مواقع في الغابات والقرى إلى جانب طرق النقل الرئيسية التي يستخدمها الروس، حيث يمكنهم استهداف القوات والمركبات من خلال ثغرات في قوافلهم… نشرت أوكرانيا بشكل أساسي وحدات مشاة خفيفة لهذه الكمائن، تستخدم أسلحة محمولة على الكتف ومضادة للدبابات.
  • قال بولوك: “يسير [الروس] في المدرعات على الطريق، ثم تحاول اللوجستيات متابعتهم، لكنها على الطرق وفي الأراضي التي لم يتم تأمينها…على الأوكرانيين فقط الانتظار والبدء في تحييد هذه الشاحنات”…
  • حفرت القوات الأوكرانية الخنادق في كييف في محاولة للحماية من هجوم الدبابات الروسية، بما في ذلك في ضاحية هوستوميل (موقع مطار رئيسي كان مركزا لقتال عنيف في الأيام الأولى من الحرب).
  • كما استهدفت المدفعية الأوكرانية تشكيلات الدبابات الروسية على أطراف العاصمة.

يقول “فيليب بريدلوف”، القائد السابق بحلف الناتو: لم يكن لدى أوكرانيا القوة النارية لمواجهة روسيا عندما توغلت دباباتها في شبه جزيرة القرم في عام 2014، مما أدى إلى ضم موسكو لشبه الجزيرة. لكن هذه المرة، مكّن الإمداد الدولي بالأسلحة لأوكرانيا جيشها من إلحاق أضرار جسيمة بروسيا.

  • قامت دول متعددة بما في ذلك الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بالأسلحة، بما في ذلك صواريخ NLAW و Javelin المضادة للدبابات. (جافلين هي قاذفات صواريخ متطورة وقابلة لإعادة التحميل ومجهزة بكاميرات للرؤية الليلية يمكنها الوصول إلى أهداف تصل إلى 4 كيلومترات).
  • تمكنت طائرات TB2 بدون طيار والتي تم شراؤها من تركيا من استمكان (تحديد المواقع في الوقت المناسب) منظومات الدفاع الجوي الروسي، كما تم نشر صواريخ Stinger المضادة للطائرات التي طورتها الولايات المتحدة في أوكرانيا.
  • تم تدمير الجسور الرئيسية لإبطاء التقدم الروسي، بما في ذلك اثنان على مشارف كييف وواحد بالقرب من حدود بيلاروسيا.
  • تم إصلاح الثقافة العسكرية لأوكرانيا منذ 2014، من القيادة على النمط السوفيتي، حيث يتم تمكين القادة الصغار من اتخاذ القرارات وفقا لـ “كولينز”، العقيد الأمريكي السابق.
  • يقول كولينز إنه بعد 8 سنوات من القتال في دونباس، اكتشف قادتهم الصغار التالي: “لا يمكننا انتظار الجنرال ليخبرنا بكل شيء، علينا أن نفعل ذلك بمفردنا”..
  • على النقيض من ذلك، يتميز الجيش الروسي باتخاذ قرارات من أعلى لأسفل، صادرة عن بوتين نفسه.
  • تظهر الأيام الأولى للغزو ما يحدث عندما يحاول الجيش تنفيذ إرادة رجل واحد.
  • على سبيل المثال، أضافت روسيا وحدات للقافلة العالقة خارج كييف على الرغم من أنها لم تتحرك منذ أيام، بسبب نقص الوقود وتعطل المركبات والهجمات الأوكرانية.
  • يعتقد كوفمان أن بوتين، طلب قدرا من القوى العاملة والمركبات للوصول لكييف في إطار زمني محدد، وأن “الطريقة الوحيدة لذلك هي أن تأخذها كلها حرفيا وتدفعها في أقصر طريق لكييف”.
  • يقول كوفمان: بعد هجوم مضاد أوكراني وتفجير معابر نهرية، كان من الضروري نقل معدات بناء جسور كانت في الجزء الخلفي من العمود الروسي إلى الأمام.. هذا هو الأسلوب الروسي: الخطة سيتم تنفيذها بغض النظر عن أي شيء.

شكلت السرية حول نوايا روسيا حول الغزو عائقاً آخر أمام تقدمها…

  • خَلُصَت المقابلات مع أسرى الحرب الروس الذين أُسِروا في الأسبوع الأول من الصراع إلى إخفاء قرار الغزو الوشيك عن الجنود..
  • قال بريدلوف “اعتقد البعض أنهم ذاهبون للقيام بتدريبات”. “عندما وصلوا، واكتشفوا ما كانوا سيفعلونه، شعروا بالدهشة والفزع.”
  • يضيف كوفمان: “كان الجيش الروسي غير مهيأ من الناحية التنظيمية والنفسية لهذه الحرب، وخيارات التخطيط التي تم اتخاذها ضاعفت من هذا العجز”.
  • تفاقم نقص التواصل مع القيادة عندما واجه الجنود الروس مواطنين أوكرانيين غاضبين وقفوا أمام الدبابات الروسية…
    

كانت الثقة الزائدة نتيجةً مُدمِرَة أخرى لنظام موسكو:

  • “كانت روسيا تصدِّق دعايتها الخاصة، وأن أوكرانيا ليست أوكرانيا في الحقيقة، إنها روسيا فقط”، واعتقدت القيادة الروسية أن جيرانها سوف يستقبلون الجيش الروسي كمحررين…
  • استعدَّت أوكرانيا على مدى سنوات للرد في حال وقوع هجوم روسي.
  • يقول كولينز: “إن الجميع، من الرئيس إلى القوات الموجودة على الأرض، كانوا قلقين بنسبة 100٪ بشأن غزو شامل”.
  • يمكن رؤية توقع انخفاض المقاومة الأوكرانية في التحركات الروسية المبكرة. حيث يقول سكوت بوسطن، كبير محللي الدفاع في راند كوربوريشن، إن الجيش الغازي لن يندفع إلى المدينة إلا إذا كان يعتقد أن الاستسلام وشيك وأن الأولوية هي نزع سلاح المتمردين المحتملين، “اتضح أن الوصول إلى هناك بسرعة حقا كان أفضل طريقة للغوص في المستنقع”.
  • تم إرسال روس‌غفارديا (قوة الحرس الوطني الداخلية للحكومة الروسية)، والتي تستخدم المدرعات الخفيفة، لاحتواء السكان في بعض الحالات الى الجبهة.
  • قال كوفمان: “تعرضت وحدات روس غفارديا للقتل لأنها اعتقدت أنها ذاهبة إلى هذه المدن والاستيلاء عليها دون أي دعم أو تنسيق مع الجيش الروسي الفعلي”. كانت الوحدات الروسية تعمل في بداية الحرب كما انها كانت لا تزال في بلدها.
  •  في الأيام الأولى للحرب، لم تجرِ عمليات أسلحة مشتركة”، وجرت سرايا الدبابات بدون دعم المشاة، والبنادق الآلية [القوات] على الطريق بدون دبابات، ووحدات الدعم بمفردها دون مرافقة.
  • كان هذا واضحًا أيضا في محاولة روسيا في بداية الأعمال العدائية للاستيلاء على مطار هوستوميل خارج كييف مع حوالي 200 مظلي تدعمهم طائرات هليكوبتر.
  • قال كوفمان: “كانوا [عادة] يرسلون المزيد من القوات بدعم من المدفعية والعربات المدرعة الخفيفة”. “لكن بالنسبة لهذا الهجوم، يبدو أنهم اعتقدوا أنه” يمكنهم بسهولة الاستيلاء على المطارات دون الكثير من المقاومة، لذلك لم يزجوا بالمزيد من القوات”.

كان أداء روسيا أفضل بكثير في مستهل حملتها في جنوب أوكرانيا. كان من الأمور الحاسمة في هذا:

– الاستيلاء المبكر على جسر فوق نهر دنيبرو، (يقع خارج مدينة خيرسون، التي سقطت بعد 6 أيام).

– وجود نوع مختلف من الأهداف هناك. (إذا كنت تقطع جسراً بأقصى سرعة ممكنة، فهذا يختلف تماما عن مدينة، يمكنك تأمين الجسر بسرعة كبيرة)

– في الجنوب، نشرت روسيا قوات هائلة من دونباس والقرم. علماً أن الجيش الـ٥٨، الذي هاجم من القرم هو واحد من أكبر القوات وأفضلها تدريبا. بالإضافة لدعم الوحدات البرية لأسطول البحر الأسود والقوات المحمولة جواً، كما أن خطوط الإمداد في الجنوب أقصر.

– كما لعب الطقس دورا مهما. صحيح أن أرض الجنوب صعبة، إلا أن معظم مناطق الشمال كانت موحلة بشكل غير معقول، وباتت مشكلة للقوات الروسية. (عندما تحاول الدبابات الانتشار بعيدا عن الطرق، علقت في الوحل).

-يمكن تفسير المكاسب الروسية بفشل التكتيكات الأوكرانية في الجنوب… يقول بولوك: “عندما كانوا يقاتلون في ضواحي ميليتوبول، كانوا يحاولون القيام بالاشتباكات المدرعة وفقدوا دبابتين”.

إن التعاطف الغربي مع أوكرانيا يعني أن بيئة الاستخبارات مفتوحة المصدر لا تظهر بالضرورة الصعوبات التي تواجهها بقدر ما تظهر نجاحاتها. قال كوفمان: هذه صورة مشوهة للغاية لساحة المعركة. “نحن بحاجة إلى أن نكون مسؤولين فكريا عما نراه وما لا نراه”.

يتمثل أحد ألغاز الحرب في سبب عدم استخدام روسيا لقوتها الجوية المتفوقة:

  • قد يكون أحد التفسيرات هو استخدام القوة المدافعة للأسلحة المضادة للطائرات.
  • قال بريدلوف إن #روسيا نفذت موجتين فقط من الهجمات الجوية في الأيام الأولى من الحرب، مثل تلك التي حدثت على نهر دنيبرو خارج #خيرسون.
  • ويقول أيضا: “قلة فقط من الجيوش في العالم لديها قوات جوية قادرة على إسكات الدفاعات الجوية للعدو تماماً…”
  • “العالم الغربي أعطى روسيا الأفضلية في قدرتها على القيام بذلك (القدرة على إسكات دفاعات أوكرانيا الجوية)، لكن لا يبدو أنهم أبدوا هذه القدرة في هذه المعركة لأن نظام دفاع جوي أصغر نسبيا وأقل قدرة من الناحية الفني صمد لفترة أطول بكثير مما توقعته روسيا”.
  • يضيف بريدلوف أن الفشل في تدمير الدفاعات الجوية الأوكرانية يعني أن روسيا لم تتمكن من شن هجمات مشتركة تدعم فيها الطائرات القوات على الأرض. “لا نرى دعما متطورا لقواتهم البرية من قواتهم الجوية.”
طائرة حربية روسية تم إسقاطها في أوكرانيا

يجري الآن فصل جديد من الحرب يحتمل أن يكون أكثر دموية مع تغيير روسيا تكتيكاتها في ساحة المعركة:

  • قال جاستن برونك، باحث في معهد رويال يونايتد للخدمات البحثية: “نحن بالتأكيد في مرحلة ثانية من الحرب”. “نحن نشهد بشكل متزايد تحول الجيش الروسي للقتال كما يقاتل عادة.”
  • هذا يعني أنه سيلجأ بشكل متزايد إلى الأساليب التي تم تجربتها واختبارها في النزاعات السابقة، وهو نهج يمكن رؤيته في هجومه على #ماريوبول، الذي تعرض لقصف شرس أدى إلى تدمير جزء كبير من المدينة وتسويته بالأرض وقتل عددا كبيرا من المدنيين.
  • يقول برونك: “يبدو أنهم لن يتراجعوا عن النمط الوحشي للغاية، ولكن للأسف الناجح للغاية، في #سوريا و #غروزني [في #الشيشان] – حاصرهم وعزلهم”. “قصف الناس حتى الإنهاك والمجاعة وحدهما يجبران الناس على الاستسلام.”
  • وأضاف كوفمان: “إنهم يدركون الآن أنهم يخوضون معركة جادة. . . هذه الحرب ستصبح أقبح “.
المقالة السابقة
نيويورك تايمز – مقال رأي: المعركة من أجل كييف تلوح في الأفق كنزاع طويل ودامي
المقالة التالية
مقال رأي – ABC News: يبدو أن القوات الروسية على أعتاب “الذروة” في أوكرانيا. إليك ما يمكن أن يعنيه ذلك لكلا البلدين.

2 تعليقان. Leave new

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed