المصدر: Abc News
ترجمة: مركز الخطابي
في أواخر عام 1942، بعد الانتصار على القوات الألمانية شمال إفريقيا، قال تشرشل على مأدبة غداء اللورد مايور: “هذه ليست النهاية، حتى إنها ليست بداية النهاية، لكنها ربما تكون نهاية البداية.”
• هل لنا أن نفكر في التطورات التي شهدتها أوكرانيا خلال الأيام القليلة الماضية؟
· هناك إجماع متزايد من كل من المصادر الرسمية والخبراء على أن القوات الروسية على وشك أن تبلغ ذروتها في أوكرانيا. ماذا يعني هذا؟
· تُعرِّف العقيدة العسكرية بلوغ الذروة على أنه “النقطة التي يصبح فيها استمرار الهجوم غير ممكن ويجب على القوة المهاجمة التفكير في العودة إلى الموقف الدفاعي أو محاولة وقف العمليات”. ويبدو أن هذا ما حدث في أوكرانيا.
لكن كما قال تشرشل، نادراً ما تكون الانتكاسات التي يعاني منها العدو سبباً لانتهاء القتال.
· بلوغ هذه الحملة إلى ذروتها ليس نهاية الحرب. إنها للأسف مجرد وقفة. لذلك يجدر بنا أن نفحص معنى الافتراض القائل بأن الروس بلغوا ذروتهم بالنسبة لروسيا وأوكرانيا.
أولا: ماذا يعني ذلك بالنسبة لروسيا؟
- قد يجبر هذا الوضع فلاديمير بوتين على إعادة تحديد أهدافه في أوكرانيا.
- بالنظر إلى خطاباته الأخيرة، من المشكوك فيه أن يكون بوتين راضياً عن المكاسب الحالية التي حققتها قواته.
- تم إحراز تقدم في إنشاء جسر بري من روسيا إلى شبه جزيرة القرم، لكن تأمين مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك بالكامل لا يزال ضرورياً.
كان هذا هدفًا رئيسيا للعملية العسكرية الخاصة لروسيا. - لذلك، ربما يجمع بوتين دائرته الصغيرة من مستشاريه للتأكد من المدة التي يمكن أن تستمر فيها بلاده في القتال مع استمرار تأثير العقوبات الدولية، وما الذي يمكن تحقيقه عسكريًا بعد فترة توقف؟
وما هي الموارد المطلوبة؟ - لأن بوتين قد زج بالفعل أكثر من نصف القوات البرية الروسية للحرب، فإن “نظرية النصر” الجديدة الخاصة به قد تتضمن شكلاً من أشكال التعبئة الوطنية للأفراد والصناعة. (هناك بالفعل بعض الأدلة على أن المصانع التي تنتج أسلحة دقيقة تعمل الآن على مدار 24 ساعة في اليوم – تستدعي روسيا بالفعل الاحتياطيات العسكرية – على الرغم من تأثير العقوبات، قد يقرر بوتين تعبئة بلاده لتحقيق النصر في أوكرانيا).
- قد يؤدي توقف العمليات من قبل الروس إلى إغلاق إحدى جبهاتهم في الشرق أو الجنوب لتعزيز الشمال بشكل كبير. سيكون هذا منطقيًا إذا كان الاستيلاء على كييف – كما وصف العديد من المحللين – هو الجهد الروسي الرئيسي.
- كما سيسمح للروس بإصلاح نظامهم اللوجستي التكتيكي والعملياتي المنهار، والزج بقواتهم الجوية في القتال.
- قد يمنح أي توقف مؤقت في الحرب بوتين الوقت أيضا لتوسيع القاعدة الشعبية المحلية المؤيدة للحرب. لم يفعل ذلك قبل الغزو. في حين أن هذا سيكون الآن مطلباً مُلِحَّاً للغاية، فليس من المستبعد أن يتمكن من حشد الدعم للحرب بين نسبة أكبر في أوساط الشعب الروسي.
ثانياً: روسيا تستعد لحرب طويلة الأمد؟
- كانت هناك بعض التكهنات بأن روسيا قد تعود إلى حرب طويلة الأمد من الإنهاك أو الاستنزاف ضد أوكرانيا.
- بينما تعمل حرب الاستنزاف على نطاق واسع لصالح روسيا – ويعرف بوتين أن الجماهير الغربية سئمت الحرب بسرعة – فمن الجدير بالذكر أيضًا أن روسيا تقاتل بمفردها في ظل عقوبات شديدة.
- تقوم الولايات المتحدة ودول أخرى بصب الأسلحة والموارد في أوكرانيا ويمكن أن تفعل ذلك لفترة طويلة قادمة.
- مع ذلك، فإن العديد من الدول (تاريخياً) التي واجهت أوضاعاً أسوأ استمرت في القتال لفترة طويلة. (حتى وإن كانت موارد الغرب تفوق إلى حد كبير تلك المتاحة لروسيا، فهذا لا يعني أن هذا المنطق مقنع لبوتين).
- لذلك، قد تستقر القوات الروسية في حصار طويل الأمد للمدن الأوكرانية (تذكِّر بحصار سراييفو في التسعينيات)، دون هجمات برية للاستيلاء عليها.
- من المحتمل أن يجبر مثل هذا الوضع الأوكرانيين على مهاجمة الدفاعات الروسية المجهَّزَة.
- سيكون من الصعب سياسياً على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إبقاء جيشه في موقف دفاعي بينما يتحضر الروس ويجلسون بأمان خلف الأعمال الدفاعية.
- سيتطلب ذلك من الأوكرانيين تغيير الإستراتيجية والتكتيكات. لقد أبلوا بلاءً حسناً في الدفاع حتى الآن – لكن كيف سيُبلون في الهجوم؟
ثالثاً: خيارات روسيا الأخرى
- ماذا لو لم تختر روسيا نهج الاستنزاف طويل الأمد؟ لديها خيارات أخرى.
- باستثناء الاستسلام لأوكرانيا (من المستحيل تخيله) أو الانسحاب (غير مرجح كثيراً)، فإن جميع خيارات روسيا قائمة.
- قد تقرر روسيا تصعيد الحرب.
- قد يتخذ هذا شكل هجمات على قواعد وطرق إمداد المدافعين عن أوكرانيا. أو قد تستهدف فقط مواقع المعابر الحدودية حيث تدخل الأسلحة والإمدادات إلى أوكرانيا.
- أخيرًا، قد تسعى روسيا إلى اختراق بسلاح دمار شامل لتدمير جزء من الحكومة والجيش الأوكرانيين، أو صدمها لإجبارها على الخضوع.
- استخدامها في مثل هذا السيناريو. يمكن أن تشمل سلاحا نوويا تكتيكيا أو سلاحا إشعاعيا أو أسراباً ضخمة من الطائرات بدون طيار أو هجمات إلكترونية مدمرة أو أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو أسلحة كهرومغناطيسية. أو مزيجاً مما ورد أعلاه.
- إن روسيا التي حاربها الأوكرانيون وتفوقوا عليها تزداد خطورة.
- كما كتب الباحث الأمريكي كوري شاك في عطلة نهاية الأسبوع:
•”من المرجح أن تمنع الإخفاقات العسكرية الروسية غزو أوكرانيا واحتلالها طويل الأمد … قد تؤدي نقاط ضعف الجيش الروسي إلى ارتفاع التكلفة.
•”يمكن أن تكون الجيوش الفاشلة أكثر خطورة من الجيوش الناجحة”.
رابعاً: ماذا يمكن أن يعني توقف روسيا بالنسبة لأوكرانيا؟
- يوفر للجيش الأوكراني الشجاع مساحة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم دفاعاته وإعادة تجهيزه بأسلحة غربية إضافية وتدريب مجندين جدد.
- كما يجب أن تقوم أوكرانيا بإخراج مواطنيها من المدن المدمرة أو المهددة. سيكون إجلاء المواطنين الأوكرانيين من المدن التي تدكُّها المدفعية الروسية والصواريخ أولوية أوكرانية.
- كما يتيح التوقف المؤقت للحكومة الأوكرانية الوقتَ لتخزين الطعام والوقود والضروريات الأخرى لإطالة صمود مجتمعهم.
- أي وقف روسي للعمليات، وإن كان مؤقتًا، سيسمح أيضًا للحكومة والجيش الأوكرانيين بإعادة النظر في إستراتيجيتهم. لقد قاموا بعمل رائع حتى الآن في الدفاع عن بلدهم، وقاموا أيضًا بتنفيذ حملة تأثير مبهرة حشدت الرأي العام العالمي لدعمهم. ولكن إذا غير الروس نهجهم، فسيتعين على الأوكرانيين القيام بذلك أيضًا. سوف يحتاجون إلى إستراتيجية مدروسة لأي عمليات روسية متطورة أو متصاعدة.
خامساً: ما من سبب للاحتفال بعد
- يوفر أي توقف عملياتي روسي مساحة لزيلينسكي للراحة والتفكير والتشاور على نطاق أوسع حول إنهاء الحرب، وما هي أنواع الاتفاقات التي يمكن قبولها مع روسيا؟ الحروب تنتهي فقط من خلال الاتفاقات السياسية.
- أي اتفاق سياسي، عندما يأتي، يتعيَّن أن يعالج الدمار والموت اللذين تسبب بهما الروس. في حين أن الروس من الممكن أن يكونوا قد وصلوا إلى طريق مسدود تقريبًا، إلا أن ذلك جاء بتكلفة كبيرة للأوكرانيين.
- لذلك، فإن وصول الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى ذروتها، أو اقترابها من هذه الذروة، لا يقدِّم أسباباً كثيرة للاحتفال.
- بالمثل، لا ينبغي أن يكون التوقف المحتمل في العمليات الروسية التالية سببًا للرضا عن النفس.
- ليس هناك لحظة “انتصار وشيكة في أوكرانيا”. ولن تتخلى روسيا عن تطلعاتها بسهولة رغم الإخفاقات العسكرية والضغوط الخارجية. في الواقع، قد تكون أخطر مرحلة في الحرب هي المرحلة القادمة.