• المصدر: موقع راديو الدفاع Defense One
• ترجمة مركز الخطابيMay 15, 2022
فيما يلي، يشرح باحثان مختصان في مجال الطائرات المسيرة بعض الدروس التي تعلمناها حول دور المسيرات في الحروب، بعد قرابة ثلاثة أشهر من الحرب في أوكرانيا:
كان جليًا خلال الغزو الروسي لأوكرانيا استهداف المباني والمراكز التجارية والمنازل في كافة أنحاء البلاد بواسطة آلاف الصواريخ والقذائف المدفعية. لكن في المقابل، ثمة نمط آخر من الحرب قائم على استخدام الطائرات المسيرة، يجري اتباعه بكل هدوء منذ بدء الغزو الروسي في أواخر فبراير.
فمنذ بداية الأسبوع فقط، قال الجيش الأوكراني إنه استخدم طائراته المسيرة لإغراق زورقي دورية روسيين في البحر الأسود. وقد نشر الجيش الأوكراني لقطات مصورة للاستهداف المزعوم، والتي أظهرت أحد الزوارق يستدير بزاوية حادة للابتعاد عن شيء ما قبل سقوط صاروخ الطائرة المسيرة ليحدث انفجارًا ناريًا.
بعد ذلك بيومين، ادعى الجيش الروسي أنه أسقط أكثر من اثنتي عشرة طائرة مسيرة في أوكرانيا- بالرغم من أنه لم يحدد ما إذا كانت هذه المسيرات كبيرة كتلك التي استُخدمت في معارك البحر الأسود، أو صغيرة.
كان المهتمون بالشأن الروسي وخبراء السياسة يُدركون أن الطائرات المسيرة ستلعب دورًا في الدفاع عن أوكرانيا في مواجهة الجيش الروسي الغازي. لكن أحدهم لم يعتقد تقريبًا أن روسيا ستواجه خطر هذه المسيرات بالمستوى الضعيف الذي كانت عليه في الشهرين الأولين من الحرب.
سنتحدث اليوم عن بعض الدروس التي تعلمناها حتى الآن من الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة خلال الحرب في أوكرانيا. فقد مر ما يقرب 10 أسابيع منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو وقت كافيٍ للأطراف الداعمة لكلا الجانبين لإرسال طائرات مسيرة إلى ساحة المعارك، كما لو كنت تشتري من مواقع CostCo أو Best Buy أو Amazon. كما كان كافيًا لكي تُدرك شركة كبرى، كشركة DJI الصينية المصنعة للمسيرات، بضرورة إصدارها إعلانًا هامًا حول تعليق مبيعات طائراتها بدون طيار للمستهلكين في كل من روسيا وأوكرانيا. حيث أعلنت الشركة عن هذا القرار الأسبوع الماضي فقط.
في اليوم التالي للإعلان، اتصلت باثنين من الباحثين في مجال الطائرات المسيرة طلبًا للمساعدة في فهم بعض الدروس التي تعلمناها من استخدام الطائرات المسيرة الحرب خلال الحرب بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من الغزو.
الضيوف:
• فاين غرينوود: باحث ومستشار في مجال تركيز تكنولوجيا الطائرات المسيرة، خاصة فيما يتعلق بالطائرات المدنية المسيرة.
• صمويل بينديت يعمل في برنامج الدراسات الروسية التابع لمركز التحليل البحري. وزميل أول مساعد في مركز الأمن الأمريكي الجديد.
• المقدم “واتسون”.
- المقدم “واتسون”: أريد أن أبدأ مع سام (صمويل). وأود العودة إلى 24 فبراير، وهو اليوم الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا. وسؤالي هنا: هل توقعت في ذلك اليوم أن تستخدم روسيا طائراتها المسيرة وأنظمتها غير المأهولة؟ وما مدى قرب هذه التقنيات من تلبية توقعاتك، منذ ذلك اليوم وعلى مر الأسابيع التسعة الأولى من الحرب؟
- صمويل بينديت: هذا سؤال رائع. كنا نعلم مسبقًا أن الجيش الروسي كان يستخدم الطائرات المسيرة في روسيا منذ سنوات لتنفيذ مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وضبط الحرائق ورصد الأهداف. كما استخدمت في سوريا للغاية نفسها. وفي الأيام الأولى للحرب، وعلى الرغم من الاستعدادات الروسية المكثفة، إلا أنه كان يعاني من ضعف في هذا المجال. وكان ذلك مفاجئًا لنا بعض الشيء. بدأت الطائرات مسيرة في الظهور، على ما أعتقد، بعد الأسبوع الأول من الحرب، وقد أسقطتها الدفاعات الأوكرانية، في إشارة إلى أن الروس يتبنون هذا النوع من العمليات على أرض الواقع. بعد ذلك، بدأوا باستخدام طائرات مسيرة تكتيكية، قصيرة وطويلة المدى، لجمع المعلومات ورصد الدفاعات الأوكرانية وتصويب هجماتهم. مرة أخرى، توقعنا أن يستخدم الجيش الروسي هذه الطائرات على نطاق أوسع بكثير. وأعتقد أننا نشهد ذلك الآن، لكن بعد شهرين من الحرب- لا في بدايتها.
- غرينوود: لذلك توقعت أن أوكرانيا ستستخدم بالتأكيد طائرات مسيرة صغيرة على نطاق واسع جدًا، لأنني كنت أعرف كيف استُخدمت الطائرات المسيرة على الحدود في منطقة دونيتسك منذ العام 2014. فمنذ تلك الحرب، منذ الغزو الروسي عام 2014، كان الأوكرانيون مبتكرين حقًا، ونجحوا في استخدام الطائرات المسيرة الخفيفة والكبيرة على حد سواء. ففي أوكرانيا، كان هناك أشخاص كُثُر من المهتمين في مجال الطائرات، ومن هواة الطائرات المسيرة التي بدأت بالظهور فعليًا على مستوى العالم منذ العام 2010. لذا، توفرت خبرات كافية في هذا المجال، واستُثمرت منذ العام 2014 لتطوير وحدات متخصصة في المسيرات، والذين لعبوا دورًا بارزًا خلال الحرب عبر استخدام هذه الطائرات على طول المناطق الحدودية في دونيتسك، واستمر هذا النوع من الحرب الباردة مع روسيا لسنوات عديدة. ولذلك، كنت أتوقع مثل هذا الأسلوب من الأوكرانيين. لكنني الآن، فوجئتُ بالانتشار الواسع لهذه الطائرات والدور الكبير الذي لعبته منذ بداية الغزو الروسي. ربما كنت أتوقع رؤية عدد أقل من هذه العمليات، إذ لم أكن أتوقع رؤية المئات منها. لقد كنت أراقب هذه العمليات وأدون كل شيء في جدول بيانات خاص، وقد كان من المذهل جدًا رؤية الاستخدام الواسع لها. أخيرًا، ثمة شيء آخر مثير للاهتمام، وهو أن الطائرات المسيرة تُستخدم على نطاق واسع من قبل الصحفيين داخل أوكرانيا، لرصد المعارك، وقد انتشرت الكثير من المقاطع التي تُثبت ذلك، والتي كان من المثير للاهتمام مشاهدتها.
- واتسون: لقد عثرت على عدد قليل من المقاطع المصورة لعناصر مدعومة من روسيا تستخدم طائرات مسيرة صينية الصنع من طراز DJI، كالتي شاركتها الأسبوع الماضي أو نحو ذلك على حسابك على Twitter. ثم أعلنت DJI يوم في الثلاثاء، 26 أبريل، أنها ستوقف مبيعات طائراتها المسيرة إلى كل من روسيا وأوكرانيا. لكن المقاطع المصورة تظهر أن جميع تلك الطائرات مصدرها الداعمون، فهل هذا صحيح؟
- غرينوود: نعم، هذا ما يزعمونه. ونحن في الحقيقة، نمتلك دليلًا على أن الروس يستخدمون منتجات DJI منذ بداية الحرب. ألقِ نظرة على بعض الأمثلة السابقة منذ البداية- فقد أبلغنا بعض الأوكرانيون، كما شاهدنا في بعض المقاطع المصورة التي نشرها الروس على قنواتهم على تلغرام، نماذج عن مسيرات DJI المستخدمة. أعتقد أن الجميع كانوا على دراية بالأمر منذ فترة طويلة، وكنت أنشر عن ذلك بانتظام إلى حد ما. لكنني أعتقد أن المعلومات المتاحة للجمهور حول هذه المسيرات ربما شهدت تزايدًا مؤخرًا، أي منذ أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وأعتقد أن حسابات “جمهورية دونيتسك الشعبية DPR” و”جمهورية لوهانسك الشعبية LNR” على تلغرام، زعمت أن جماعات مدنية تبرعت بهذه المسيرات. حتى أنني قرأت منشورًا قبل بضعة أيام وجدته مثيرًا للاهتمام إلى حد ما، أعتقد أنه نُشر على حساب DPR أو LNR، يجب أن أبحث عنه، مدعيًا وجود مشاكل مع السلطات الروسية، أو أن الروس يسمحون لهم بإحضار هذه المسيرات من طراز DJI لقواتهم في أوكرانيا. لذا، قد يكون هناك نوع من المحاولات لاستيراد بعض هذه المنتجات، ليس فقط الطائرات المسيرة، بل أعتقد أنها تتعلق أيضًا بمنتجات أخرى؛ ولكن من المثير للاهتمام أن هذه المنشورات تدل على تراجع واضح من قبل الروس عن السماح للمجموعات المدنية بدعم قوات DPR وLNR بهذه المعدات. مرة أخرى، لا يبدو أن الأمر مُقتصر على الطائرات المسيرة وحسب؛ لكنا كانت ملاحظة مثيرة للاهتمام.
- واتسون: يذكرني هذا بما قرأته الأسبوع الماضي من تصريحات المسؤولين الأوكرانيين. كانوا يتحدثون عن الانفتاح على التعاون مع شركات الطائرات المسيرة الأمريكية، المتواجدة هناك، لأنهم يؤمنون بشدة بنقاط الضعف الأمنية لدى مسيرات DJI. خاصة أنهم نشروا مقالًا يوثّق استخدام نظام DJI للمراقبة على إحدى المسيرات، لكنني نسيت اسمه في الوقت الحالي.
- غرينوود: إنه نظام Aeroscope نظام المراقبة للطائرات المسيرة.
- واتسون: أجل، وقد قالوا إنه لم يتم يعمل كما كان ينبغي له، والذي بدا كإشارة، كما تعلمون، في نظرهم، إلى درجة من التواطؤ بين المنتج الصيني الصنع والروس.
- غرينوود: حسنًا، لقد أحدثت قصة نظام Aeroscope ضجة كبيرة بالفعل في الأيام الأولى للحرب. لكنني الآن أعتقد، وهي وجهة نظر DJI حول ما حدث على ما أظن، أن ما حصل لم يكن في الواقع مشكلة فنية متعلقة بهم، بل الفشل، على ما أعتقد، كان في تحديث البرامج المثبتة. فقد انقطع التيار الكهربائي، وفقد نظام Aeroscope قوته؛ حاولوا العودة بالمسيرة، لكنهم تلقوا رسالة “خطأ” حول تحديثات البرامج المثبتة. ومرة أخرى، هذه معلومات متداولة، لذا ما سمعته حدث بالفعل. أعتقد أنهم ربما افترضوا أن هذا تلاعب، ولا يمكنني لومهم عليه حقًا. لكن DJI في الحقيقة عملت معهم لاحقًا لإعادة تشغيل النظام. هذا ما أخبرتني به DJI وأخبرته للآخرين، وهذا ما أعتقد أصحته. وحتى يومنا هذا، لا أعتقد أن أيًا منا قد رأى دليلًا مقنعًا حقًا على استخدام Aeroscope لرصد الأشخاص على الجانبين الروسي والأوكراني. هذا لا يعني أنه لن يحدث. لكنه يعني ببساطة أننا لا نمتلك دليلًا ملموسًا في هذه المرحلة عن حدوث ذلك. لدي انطباع بأن DJI مترددة للغاية في اتخاذ موقف لصالح طرف دون الآخر، ولا أشعر أنها ستفعل شيئًا قذرًا كتعطيل نظام Aeroscopes عن قصد. لكنني أعتقد أن الإجماع العام أن DJI غير قادرة تقنيًا على تعطيل Aeroscopes عن بُعد، حتى لو أرادت ذلك.
- واتسون: ما هي وجهة نظرك لقرار إيقاف المبيعات، والذي برأيي سيوقف مؤقتًا المبيعات إلى كل من روسيا وأوكرانيا.
- غرينوود: من وجهة نظري، وفي ظل البيانات المحدودة المتوفرة لدينا الآن، يبدو أنه مجرد تعليق للعمليات التجارية، ولن يقوم الطرفان بعد باستيراد معدات أو إمدادات جديدة، وقد يصب هذا، من وجهة نظري، في صالح أوكرانيا، لأنها لم تعد تعتمد على الموزعين المحليين لمنتجات DJI منذ بدء الحرب. أعني، أن أوكرانيا كانت تعتمد إلى حد كبير على ما أعتقد، على الأشخاص الذين يجلبون مسيرات DJI عبر الحدود. ولدى الأوكران الكثير من الأشخاص المستعدين للقيام بذلك، كالمنظمات التطوعية وغيرهم، وهناك الكثير من الطرق للقيام بذلك. في المقابل، لا تتمتع روسيا بهذه الميزة. وروسيا الآن، كبلد ضخم، فيها الكثير من مستخدمي DJI، وأنا متأكد من أن فيها الكثير من إمدادات DJI، والتي قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تنفد. لكنني أعتقد أنها قد تتأثر أكثر، خاصة أن إمدادات منتجات DJI الحالية المتاحة للبيع في السوق الروسية قد نفدت. لكننا لسنا حتى الآن على دراية تامة بهذا الأمر، أي أننا لا نجزم بأن استيراد منتجات DJI سيتوقف كليًا. هل يعني هذا أن الشركة ربما ستقوم بفرض منطقة حظر جغرافية افتراضية؟ بالرغم من ذلك، هناك طرق يمكن من خلالها تعطيل المعوقات في مواقع معينة، لأن طائرة DJI المسيرة لا تحتاج في هذه العملية للاتصال بخوادم DJI.
- ومع ذلك، ربما لا يمثل ذلك عائقًا كبيرًا أمام الأوكرانيين، لأنك إن كنت تحاول الحصول على طائرة مسيرة في أوكرانيا، فبإمكانك تنشيطها خارج أوكرانيا، ثم تسليمها عبر الحدود. والخطوة الكبيرة الأخرى التي يمكنهم القيام بها، والتي لا يبدو أنهم أقدموا عليها بعد، أو أنهم يخططون للقيام بها، فقد نوقشت في بداية الحرب، تتمثل في إمكانية فرض منطقة حظر جغرافية افتراضية فوق كل من أوكرانيا وروسيا، والذي من شأنه أن يمنع الطائرات المسيرة المتصلة بالإنترنت من الطيران في تلك المناطق. لكنهم لم يفعلوا هذا حتى الآن، ولا ندري إن كانوا سيفعلونه. وأنا أشك في أنهم لن يفعلوا ذلك، لكنني قد أتفاجأ فيما بعد. إذ أنهم سبق وفعلوا ذلك في سوريا، عام 2017 على ما أعتقد؛ وفي أجزاء من العراق عام 2017. وأعتقد أن هذه الأسئلة المتعلقة بفرض منطقة حظر جغرافية افتراضية هي الأسئلة الرئيسية التي أفكر فيها بشأن ما سيحدث مع منتجات DJI. وتذكر، حتى لو فُرض هذا الحظر، فمن السهل جدًا الالتفاف حوله، خاصة إن كنت تمتلك بعض الخبرة التقنية. فهناك مجموعات ومنظمات قراصنة ستساعدك، وأعتقد أن بعضها في الواقع يقدم خدماته مجانًا للأشخاص المتواجدين في أوكرانيا وروسيا، مما يتيح لك الالتفاف على هذا الحظر الجغرافي الافتراضي، وتعطيله. وبالطبع، يمكنك استخدام الطائرات المسيرة غير المتصلة بالإنترنت، متجاوزًا الحظر المفروض. فيمكنك الاستمرار في استخدام المسيرات، وستجد طرقًا للالتفاف على هذه الإجراءات.
- واتسون: بالنظر إلى الماضي القريب- وسأنتقل إليك وسام- ما هي الروابط، إن وجدت، التي تتشابه مع دروس الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؟ لقد كان معلومًا للجميع استخدام الطائرات المسيرة في تلك الحرب، بالإضافة للذخائر المتسكعة والأسلحة السوفيتية. هل هناك أي رابط بين وقائع تلك الحرب والوضع الحالي في أوكرانيا؟
- بينديت: لقد أولى الجيش الروسي اهتمامًا كبيرًا لما كان يحدث في حرب ناغورنو كاراباخ، واستفاد من الكثير من الدروس المستخلصة منها. وقد طُبقت هذه الدروس في روسيا، لكن من الواضح أنها لم تُطبق على نطاق واسع. وهذا نوع آخر من الألغاز المتعلقة بالشهر الأول من هذا الصراع، حيث أن الكثير من الإمكانات التي تم حشدها حتى يوم 24 فبراير، لم تُستخدم بشكل فعلي لسبب أو لآخر. لذا، ما نراه في أوكرانيا حاليًا هو استخدام روسيا لعدد صغير من طائراتها المسيرة متوسطة الارتفاع وبعيدة المدى- وهي موازية لطائرة بيرقدار، كطائرة أوريون المسيرة؛ لكنها كانت قليلة جدًا، واستخدمت بشكل محدود للغاية. نشهد أيضًا استخدامًا محدودًا للطائرة Forpost المسيرة، والتي تم تطويرها إلى نسخة قتالية، وهي المسيرة التي تقوم عادة بمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع لمسافة تصل إلى حوالي 250 كيلومترًا. نشهد أيضًا استخدامًا محدودًا لطائرات KYB المسيرة الروسية، وهناك دليل على أن ثلاثة أو أربعة منها على الأقل تحطمت؛ وبعضها لم ينفجر كما هو مخطط له؛ ربما أُسقطت عبر التشويش أو استهدفت بأنواع مختلفة من الدفاعات الجوية الأوكرانية، أو حتى بأدوات الحرب الإلكترونية. كانت إحدى أكبر مزايا الجيش الأذربيجاني في حرب ناغورنو كاراباخ هي الاستخدام واسع النطاق لهذه الطائرات المسيرة بالتنسيق مع القوات البرية في عمليات مشتركة. نشهد الآن استخدامًا مشابهًا لهذا النوع لدى القوات المسلحة الروسية التي تقاتل في أوكرانيا، ولكن بهامش محدود. وبالتالي فإن معظم الطائرات الروسية التي استُخدمت وأُسقطت وفُقدت فوق أوكرانيا، لا تزال نوعًا ما مشابهة لطائرات الاستطلاع والمراقبة والاستطلاع ISR المسيرة مثل Orlan-10 وEleron، وغيرها من تلك الطائرات تنتمي إلى عائلة ISR نفسها.
- واتسون: نحن نتحدث عن أنظمة غير مأهولة. لذا، من الصعب التغاضي عن مساهمات تركيا في هذا المجال، والتي لديها تلك النماذج التي ذكرتها. يطلق على المسيرات التركية أحيانًا اسم TB-2؛ فهل ترقى هذه المسيرة إلى مستوى توقعاتك أو تجاوزها.
- بينديت: في سياق هذه الحرب، وفي إطار ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي، أعتقد أننا وصلنا بالتأكيد إلى مستوى التوقعات المفترضة. مرة أخرى، هذه ليست مركبة آمنة من كل التهديدات، فقد أسقطتها الدفاعات الجوية الأكثر تقدمًا في ليبيا وسوريا وفي نزاع ناغورنو كاراباخ. من المؤكد أن الجيش الروسي دمر عددًا من مسيرات TB-2s أيضًا. لكن TB-2 كان لها أيضًا تأثير نفسي كبير جدًا، لأنه كما لوحظ سابقًا، كل ضربة من TB-2 تستهدف رتلًا عسكريًا روسيًا تضاعفت أضعافًا مضاعفة في وسائل التواصل الاجتماعي، مما خلق انطباعًا بأن مسيرة TB-2 غير معرضة لخطر الدفاعات الجوية والعمليات المركزة. ولكن ثمة أيضًا جانب آخر من هذا المشهد، وهو الاستخدام الناجح لـ TB-2s التي يمكنها اختراق الدفاعات الجوية الروسية وتخلق معضلة كبيرة جدًا للجيش الروسي والحكومة الروسية. لأننا اليوم نمتلك دليلًا مفترضًا على تحطم مسيرة TB-2، في عمق الأراضي الروسية، على بعد 100 كلم من الحدود الأوكرانية؛ فكيف وصلت إلى هناك؟ هل اخترقت الدفاعات الجوية الروسية حقًا؟ وهل كانت قادرة على الطيران دون عوائق حتى أُسقطت وهي في طريقها لإكمال المهمة؟ كل ضربة ناجحة من ضربات TB-2، وكل مهمة ناجحة تؤديها، تزيد من تأكيد الأسطورة القائلة بأن هذه الطائرة المسيرة هي الحل الأمثل بالنسبة للعديد من الجيوش الباحثة عن هذا النوع من القدرات.
ومرة أخرى نؤكد، أنها ليست منيعة بشكل كامل، إذ أن لديها نقاط الضعف الخاصة بها. ولكن حين استُخدمتْ بنجاح، واستُثمرتْ ضمن حملة إعلامية ناجحة، صارت هذه المسيرة بالتأكيد أحد الأسلحة الرئيسية للجيش الأوكراني. أريد أيضًا أن أعود نوعًا ما إلى ما كان يقوله فاين، والأسئلة السابقة. كان الجيش الروسي يُصرح بأنه يريد دمج مروحيات كوادكوبتر في قواته منذ العام 2019. وبعد ذلك بعام، عام 2020، خرجت بعض الأخبار من وزارة الدفاع تتحدث بالفعل عن هذه الأنواع من المروحيات التي غدت جزءًا من وحدات الجيش الروسي المختلفة. أعتقد أن السؤال المهم هو، ما نوع المروحية التي كان الجيش الروسي يتحدث عنها؟ هل كان يتحدث عن كوادكوبتر خاص به، من صنع Zala[1] ، والتي هي جزء من كلاشينكوف[2]؟ فقد رأينا بعض طائرات Zala المسيرة تستخدمها القوات الشيشانية. أو أنها كانت تتحدث بالفعل عن طائرات مسيرة صينية الصنع من طراز DJI طُورت لتتحول بطريقة ما للاستخدام العسكري؟ ما نراه الآن بدلاً من هذا التشابك والتكامل العضوي للطائرات المسيرة التجارية التكتيكية من طراز DJI مع المزيد من الطائرات المسيرة الروسية العسكرية، والتي تطير لارتفاع أعلى ومسافات أطول، يمكن له أن يُنتج ما يلبي التطلعات الروسية الخاصة، وأعتقد أننا حتى مع انسحاب DJI من الأسواق الأوكرانية الروسية، إلا أنها ليست نهاية استخدام DJI في الجيش الروسي.
- واتسون: وفقًا لمعظم الروايات، فإن روسيا ستخرج من هذا الصراع، وهذا ما نفهمه بعد تسعة أسابيع من القتال، كقوة عسكرية متضائلة بشكل كبير. كيف تتوقع، يا سام، أن تؤثر العقوبات على مستقبل البحث والتطوير في مجال الأنظمة المسيرة الروسية، وما إلى ذلك؟
- بينديت: هذا أمر نسبي متغير، لذا يصعب الإجابة عليه. كل الدلائل تشير إلى أن القطاع الصناعي الدفاعي الروسي وتقنياته العالية وتكنولوجيا المعلومات الخاصة به، ستتأثر بالعقوبات، لأن الكثير من المواد والبرامج والأجهزة الرئيسية، كانت في الواقع جزءًا من سلاسل التوريد العالمية التي كان الجيش الروسي يستخدمها أيضًا- مكونات مستوردة وأشباه موصلات ومكونات رئيسية أخرى لصواريخ الطائرات أو الطائرات المسيرة والأنظمة العسكرية الأخرى. لذا سيكون هناك تأثير، لكن يصعب تحديد مدى فعاليته وتأثيره، وأعتقد أن علينا مراقبة الوضع أكثر. إذ أن كل شيء الآن داخل الحكومة الروسية في حالة تغير مستمر، حيث تحاول إيجاد حلول لتعويض النقص الحاصل في البرامج والأجهزة ومكونات تكنولوجيا المعلومات الأخرى. المهم الآن هو التحول الملحوظ في خطاب الحكومة في روسيا، حيث يتحدث الكثير من أعضاء الحكومة عن التحول بالجملة إلى الحلول المحلية أينما كان ذلك ممكنًا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأجهزة البرمجيات والمزيد من الحلول عالية التقنية، فيما يصرح أعضاء آخرين في الحكومة بأن الوقت قد حان لإنهاء الاعتماد على أي واردات مهمة من التقنيات الغربية، لأن ذلك خلق نقاط ضعف كبيرة في سلاسل التوريد الصناعية الدفاعية والصناعات المقدمة للمستخدم النهائي. ولذا، سنرى هذا النوع من الاضطراب في الشهرين المقبلين، وستكون بعض الصناعات قادرة على التكيف بشكل أسرع من غيرها. على الصعيد المدني، تجدر الإشارة إلى تجميد بعض المشاريع، فبعضها أوقف، وبعضها أُلغي، وبعضها الآخر لم يُنفذ، وهي مشاريع متعلقة بتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات والأجهزة. ربما يكون الأمر نفسه صحيحًا على الجانب العسكري، بالرغم من أننا لا اطلاعًا جيدًا على ذلك الجانب لأن الكثير من هذه المشاريع محفوف بالسرية. هناك حديث عن الكثير من الأسلحة والأنظمة لهذا العام، ما يعني أن الحكومة الروسية خصصت المال والمواد اللازمة لذلك في وقت سابق. وبذلك لن يكون هناك انقطاع أو اضطراب في هذا القطاع. لكن، بعد ستة أشهر إلى تسعة أشهر من الآن، قد نرى بعض الآثار المهمة للعقوبات التي تؤثر على قطاع الصناعات الدفاعية.
- غرينوود: بالأمس، نشرت الحكومة الأوكرانية تغريدة رائعة تُظهر من خلالها صورة لجندي أوكراني يحمل إحدى “البنادق” المضادة للطائرات المسيرة، مدعيًا أن القوات الخاصة الأوكرانية كانت قادرة على إسقاط طائرة بدون طيار روسية، وقد حددوا مكان انطلاقها وتواجد مجموعة تخريب واستطلاع معادية في مكان قريب منهم. كان المعنى الضمني لهذه التغريدة هو أنهم استخدموا المعلومات المسجلة على تلك المسيرة لتحديد مكان تلك المجموعة الروسية واستهدافها بالفعل. أعتقد أن هذه هي الحالة الأولى التي رأيتها. إحدى هذه البنادق المضادة للطائرات المسيرة تُستخدم في ميدان المعركة. كما أن الاستفادة من المعلومات المسجلة على الطائرة المسقطة أمر يسهُل فعله مع هذه المسيرات الاستهلاكية. ففيما يتم تشفير الرابط بين الطائرة المسيرة وجهاز التحكم، تبقى البيانات الموجودة عليها، أو الموجودة عادةً على بطاقة SD الخاصة بها، غير مشفرة. لذا، إذا ما أُسقطت طائرة مسيرة، فإنه يمكن لأي شخص أن يسحب بطاقة SD ويلقي نظرة على ما يوجد فيها، والتي من الواضح أنها ثغرة أمنية كبيرة. يا سام، هل لديك أفكار أخرى حول ذلك؟
- بينديت: نعم، أنا مندهش حقًا لأننا لا نرى الكثير من أنظمة UAS المضادة التكتيكية الروسية على الخطوط الأمامية أيضًا. فقد طور قطاع الدفاع الروسي قبل الحرب ما لا يقل عن ثلاث أو أربع بنادق مضادة للطائرات المسيرة- وواحدة من هذه الثلاث كان ينبغي أن تظهر في أوكرانيا. على ما يبدو، اختبرت بعض هذه البنادق في سوريا، وادعت وزارة الدفاع الروسية أن الاختبارات كانت ناجحة إلى حد ما. كان من المدهش عدم وجود دليل مفتوح المصدر على استخدام الروس لهذا النوع من البنادق. صحيح أنها ليست فعالة دائمًا، لكنها تخلق انطباعًا بأن المدافعين أو المهاجمين لديهم في الواقع مجموعة كاملة من الأنظمة والأسلحة التي يمكنها مواجهة أي تهديد يواجهونه. وهكذا، فيما نعلم أن الجيش الروسي يستخدم أنظمة حرب إلكترونية، والتي ربما يستخدم بعضها ضد المسيرات الأوكرانية، إلا أننا لا نرى بالضرورة ما يعادل أداء البنادق المضادة للمسيرات التي ذكرها فاين.
- من المثير للاهتمام أيضًا إلقاء نظرة على الحصيلة الرسمية للمسيرات التي أسقطها الجيشان الأوكراني والروسي. تقول أوكرانيا، على ما أعتقد، أنها أسقطت قرابة 180 أو 200 طائرة مسيرة روسية، فيما أعلن الجيش الروسي، في تقاريره اليومية الصادرة عن وزارة الدفاع، أن أكثر من 600 مسيرة أوكرانية قد أُسقطت. وإذا نظرنا إلى العدد الفعلي للمسيرات العسكرية التي ربما تحلق في سماء أوكرانيا، أعتقد أن الجزء الأكبر من تلك الخسائر- إذا افترضنا أن هذه الأرقام صحيحة ودقيقة بالفعل- سيكون من هذه المسيرات التجارية الجاهزة، مثل DJIs، والتي تُستخدم بأعداد كبيرة، والتي تعطينا انطباعًا عن سير المعارك والتقنيات المتقدمة المستخدمة، بغض النظر عن مدى رغبة الجيش في استخدام معدات من الدرجة العسكرية. ومن المحتمل أن يكون استخدام التقنيات التجارية أمرًا لا مفر منه في نزاع كالحرب في أوكرانيا، وفي صراعات أخرى، ما يعني أن هذه المسيرات ستكون جزءًا من أي صراع مستقبلي- إن لم تكن من شركة DJI، فمن الشركات المصنعة الأخرى- نظرًا لسهولة استخدامها. وكما ذكر فاين للتو، من السهل استخراج المعلومات منها بمجرد فقدانها.
- غرينوود: أعتقد أنه في وقت مبكر من الحرب، كان هناك بعض الشكوك حول هذا الأمر. لقد ظن البعض أن الروس لا يمكنهم استخدام منتجات DJI، فهم يعرفون، أنها غير آمنة بالكامل، ويعلمون أن هناك مخاطر أمنية تتعلق بها، وأن الروس لن يكونوا سخيفين إلى هذا الحد. وقد ثبت خطأ هذه الظنون بسرعة كبيرة، للأسباب التي أوضحها سام للتو. في الحقيقة، أعتقد أن الناس يدرسون الكلفة المنخفضة لهذه المسيرات مقارنة بالخطر المحتمل الناتج عن اعتراض تردداتها، فإذا أُسقطت هذه الطائرة، فإن البيانات المسجلة عليها ستساعد الطرف الآخر على العثور عليك- لأن أي شخص يمكنه أن يتعلم استخدام برنامج fly DJI drone، حيث يمكنني أن أعلمك كيف تستخدم طائرة مسيرة بكفاءة مقبولة في غضون ساعة فقط. لذا، أعتقد أنهم قرروا أن فوائد الكلفة المنخفضة تفوق المخاطر في كثير من هذه الحالات. وهذا هو سبب قيامهم بذلك بالرغم من أنه ليس الحل الأمثل من منظور أمني. ولذا، أعتقد أنه يجب مراعاة هذه العوامل. وأنا أتفق تمامًا مع سام، ستصبح هذه المسيرات واسعة الانتشار، لأن هذا النمط أقرب للصواب.
– واتسون: فاين غرينوود وسام بينيت، شكراً جزيلاً لمشاركتكم معي في هذا الحوار.
– غرينوود: حسنًا، شكرًا.
– بينديت: شكرًا لك.
– غرينوود: أتمنى لك يومًا سعيدًا.
– بينديت: إلى اللقاء.
[1] شركة روسية متخصصة في صناعة المركبات المسيرة عن بعد.
[2] مجموعة روسية مختصة في الصناعات الدفاعية.