المصدر: معهد الشرق الأوسط (MEI): كانون الأول/ ديسمبر 2022
ترجمة: مركز الخطابي للدراسات: يناير/كانون الثاني 2023
كان الكرملين منتشياً بالقوة والكفاءة الظاهرية لقوات جيشه والقوات الخاصة التابعة له، بسبب التدخل في الحرب السورية أواخر عام 2015 وإنقاذه بكفاءة نظام بشار الأسد المتعثر. لكن هذا الوهم – الذي عززه النجاح الظاهري في إبقاء الجيش الأوكراني في نفس الوقت غارقاً في حرب استنزاف في دونباس لمدة سبع سنوات – أعطى القيادة العسكرية السياسية العليا لروسيا ثقة زائفة بأن روسيا قادرة على تحقيق نصر سريع وسهل في أوكرانيا. و في غضون أسابيع من بدء إعادة غزوها الشامل لأوكرانيا في 24 شباط من عام 2022، بدا أن الأداء السيئ الواضح للعيان للقوات المسلحة الروسية يشير إلى أنها إلى حد ما كانت رهينة تصوراتها عن الحرب التي خاضتها في سوريا.
في الواقع، إن “الحرب المفضلة بالنسبة للقائد العام للقوات المسلحة” – كما عُرفت بذلك الحملة في سوريا ضمن الأوساط العسكرية الروسية – لم تكن تسير بسلاسة بالنسبة لموسكو في السنوات الماضية. إذ يكفي أن نتذكر أن الانتصار الذي تحقق بعد أول هجوم على تدمر في آذار 2016 قابله بسرعة هزيمة في منطقة الطبقة؛ في حين أن اقتحام القوات الروسية لشرق حلب أدى لاحقاً إلى فشل في تدمر، حيث اضطرت قوات الاستخبارات العسكرية الخاصة والمرتزقة الروس من الشركة العسكرية الخاصة (PMC) مجموعة فاغنر لإعادة الهجوم مرة أخرى.
لذا فقد كان واضحاً إلى حدٍ ما أنه مع استمرار تفاقم مشكلات الحرب الروسية في أوكرانيا في الربيع الماضي، فإن عدة جنرالات ممن أُقيلوا من مناصبهم بسبب إخفاقاتهم كانوا قد نالوا سابقاً أرفع الأوسمة التي تمنحها الدولة الروسية لدورهم في الحملة على سوريا. وأنه مع تحول الحملة على أوكرانيا إلى حرب مواقع وحرب استنزاف طويلة الأمد، لا يستطيع الكرملين خوضها بجيش اعتاد على أوقات السلم، فقد ظهرت أنباء عن تقليص وشيك للوجود العسكري الروسي في سوريا. غالبًا ما كانت هذه الأنباء تخمينية بحكم طبيعتها، كما أنها أشارت إلى أن القوات الروسية قامت بتسليم عدة قواعد عسكرية لتشكيلات موالية لإيران. بشكل أو بآخر، هناك عدة عوامل قد تفسر التغيرات في الوجود العسكري الروسي في سوريا ومستقبله.