“صواريخ بعيدة المدى تتوجه من الولايات المتحدة إلى الحرب الوحشية البطيئة في دونباس”
المصدر: فوكس ميديا
ترجمة: مركز الخطابي
يوم الثلاثاء، بينما كان الغزو الروسي لأوكرانيا يقترب من 100 يوم، أعلنت حكومة الولايات المتحدة أنها سترسل أنظمة مدفعية قوية جديدة إلى القوات الأوكرانية التي تقاتل في الجبهات الجنوبية الشرقية والشرقية للبلاد، بالإضافة إلى أنظمة الرادار وبعضاً من الأسلحة الإضافية مع تزايد شدة الحرب لتصبح قتالاً مُستميتاً لإخراج روسيا من دونباس والمناطق المحيطة بها.
أنظمة صواريخ من طراز هيمارس[1]، وأنظمة المدفعية عالية الحركة وذخيرتها ستكًّمل وتدعم مدافع الهاوتزر قصيرة المدى التي أرسلتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا إلى أوكرانيا في الأشهر الأخيرة وتسمح للقوات المسلحة الأوكرانية بإبقاء الجيش الروسي بعيداً.
أعلن الرئيس جو بايدن عن حزمة الأسلحة والمساعدات الجديدة – في مقال على صحيفة نيويورك تايمز – قائلًا: إن الولايات المتحدة سترسل “أنظمة صاروخية وذخائر أكثر تقدمًا ستمكِّنها من ضرب أهداف رئيسية بدقة أكبر في ساحة المعركة في أوكرانيا”، دون تحديد الأسلحة التي سيتم نشرها. وفي مؤتمر صحفي في الأول من حزيران، أعلن وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية (كولن كال) أن أنظمة صواريخ HIMARS، التي يمكنها ضرب أهداف في مدى أكثر من 70 كيلومترًا، قد تم تضمينها في الحزمة، بالإضافة إلى خمسة رادارات مضادة للاستطلاع ورادارين للمراقبة الجوية.
من جانب آخر، زعم مسؤولون روس أن حزمة الأسلحة الجديدة تمثل استفزازًا من الغرب. قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف يوم الأربعاء: “نعتقد أن الولايات المتحدة تتعمد وبجد صب الوقود على النار “، مُدَّعِيًا أن” مثل هذه التسليمات (لأسلحة) لا تُسهِم في … ترغيب القيادة الأوكرانية في استئناف محادثات السلام “، وفقًا لواشنطن بوست.
إننا نشاهد حرباً مختلفة بشكل كبير عما كانت عليه في بداية الغزو:
كانت أنظمة HIMARS على رأس قائمة الأماني الأوكرانية (منذ البداية)، حتى أكثر من الطائرات المقاتلة التي كانوا يطمحون إليها في بداية الحرب. هذا لأنه كما قالت ريتا كوناييف -نائبة مدير التحليل في مركز الأمن والتكنولوجيا بجامعة جورج تاون – تغيرت ساحة المعركة بشكل كبير مع إعادة روسيا تنظيم عتادها وتحويلها للقتال في منطقة دونباس. ويعني هذا: الابتعاد عن البيئات الحضرية، حيث أدى سوء التخطيط من جانب روسيا إلى إضعاف هجومها، حيث كانت الأفضلية هناك للقوات الأوكرانية العارفة بالمنطقة (تقصد في المناطق الحضرية).
تقول كوناييف: “من الواضح أنه لا يوجد طرف منتصر في الحرب”. هذا على عكس الأسابيع الأولى من الغزو، عندما كان (المُعلِّقون) الخارجيون مُتحمِّسين لفكرة توجيه القوات الأوكرانية الضعيفة والمُجزَّأة لتوجيه ضربات متتالية مفاجئة للقوات الروسية الأكبر والأكثر استعدادًا. وقالت إن القتال من أجل دونباس أصبح “حربًا لمسافة ميل في اليوم”.
وقالت كوناييف: “لقد انتهت تلك المرحلة من الحرب، المرحلة الحالية طاحنة بشكل أكبر ولكن رويداً رويداً” بسبب التحوُّل الجذري في ساحة المعركة، يجب أن تتغير الأسلحة المطلوبة بشكل كبير أيضًا.
وأضافت لـ Vox: “أعتقد أن الدافع لإرسال أنظمة هيمارس ذو شقين:
الأول: تُوَفِرُ أنظمة الأسلحة الجديدة مسافة اشتباك آمن أكبر– مسافة الاشتباك الآمن مع العدو هي القدرة على إطلاق النار عليه من مسافة خارج مدى أسلحته – حوالي ضعف المسافة التي توفِّرها مدافع الهاوتزر.
الثاني: تمثل أنظمة هيمارس ترقية هائلة في القوة النارية، فعند استخدامها بشكل استراتيجي، يكون التأثير مشابه لمدى فتك الضربات الجوية”.
الجيش الروسي لديه نظام إطلاق الصواريخ المتعدد MLRS الخاص به، ولكن كما قال جون سبنسر- رئيس دراسات حرب المدن مع منتدى سياسة ماديسون ومؤلف كتاب الجنود المتراصُّون – لـ Vox: “أسلحتنا أبعد مدىً وأكثر دقةً من الأنظمة السوفيتيَّة التصميم”.
وقالت كوناييف: إنه حتى الآن – “بدون أنظمة الأسلحة المتقدمة التي وعدت بها الولايات المتحدة أوكرانيا – تتمتع روسيا ببعض المزايا الواضحة في ميدان المعركة، ليس الأمر أن روسيا قد تحسنت، بل كل ما في الأمر أنها ركَّزَت قواتها في منطقة ملائمة لها”، نظرًا لأن القتال أقرب بكثير إلى الأراضي الروسية، “هناك خطوط إمداد أقصر، ويتم استخدام الضربات الجوية المحدودة بشكل أكثر فاعلية – يمكنهم القيام بتلك العمليات السريعة والعودة إلى القاعدة”، بنسبة إيجابية لحساب العائد مقابل المخاطرة.
وأوضح سبنسر أن المعارك في دونباس تحدث على مسافات أكبر، وأضاف: “في الوقت الحالي فإن القوات الأوكرانية مُعطَّلَة حقًا من حيث المدى، فإذا كنت تعرف مكان الهدف، يجب أن تكون قادرًا على الوصول إليه.” بعبارة أخرى، قد يكون لدى أوكرانيا معلومات استخباراتية حول مكان وجود هدف روسي حاسم، لكن مدافع الهاوتزر لا يمكنها الوصول إلى هناك دون تعريض القوات الأوكرانية لخطر متزايد.
قال سبنسر عن إرسال أنظمة هيمارس: “في هذه اللحظة من الحرب، هذا منطقي للغاية”.
وإليك كيف يمكن أن تساعد “أنظمة هيمارس” في توفير ميزة لأوكرانيا:
الأنظمة الجديدة لن تجعل أوكرانيا تكسب الحرب على الفور فلن تؤدي أنظمة هيمارس إلى تغييرات بين عشية وضحاها، ولكن بمجرد دخولهم ساحة المعركة، يمكن أن تساعد هذه الأنظمة القوات الأوكرانية على استعادة الزخم، فلن نرى التأثير قبل شهر آخر على الأقل.
بعد وصول الأسلحة إلى القوات الأوكرانية، سيستغرق الأمر حوالي ثلاثة أسابيع حتى يتم تدريبهم على الأنظمة، قبل أن يتم استخدامها في ساحة المعركة ضد القوات الروسية. يوم الجمعة، بدا أن تلك اللحظة لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية، حيث هدد وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو بـ “تسريع” “العملية العسكرية الخاصة” لروسيا، في لقاء مع رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف. وفقًا لإيجاز من معهد دراسة الحرب، لم يقدم شويجو تفاصيل، ولكن في تقديرهم، من المحتمل أن تكون القوات الروسية غير قادرة على شن عمليات أكثر تقدمًا نظرًا للاستثمار الهائل في المعدات والقوات التي قد تتطلبها.
ومع ذلك، فإن الخسائر الأوكرانية تتراكم، حيث يموت ما بين 60 و100 جندي كل يوم، حسبما قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي. وقد كثَّفَت روسيا من تكتيكات الأرض المحروقة في دونباس، حيث قصفت مدنًا مثل سيفيرودونيتسك – مانعةً عمليات الإجلاء وإعادة الإمداد، في تكرار مرعب لحصار ماريوبول.
قال سبنسر لـ Vox: “لقد أحرز الحشد الروسي للمقاتلين [في دونباس] زخماً لفترة وجيزة”، على الرغم من أنه توقع أن وصول أنظمة هيمارس إلى ساحة المعركة “سيؤدي إلى مقتل المزيد من الجنرالات الروس” – الأمر الذي قد يُترجَم إلى أن تكون القوة القتالية الروسية غير منظمة أكثر من أي وقت مضى. (مما يعني أن) “الطريق إلى النصر ينهار.”
قال كلاً من سبنسر وكوناييف لـ Vox إن المعلومات الاستخباراتية على الجانب الأوكراني ستلعب دورًا حاسمًا في أي مكسب على الأراضي أو هزيمة للقوات الروسية، كما فعلت حتى الآن في الحرب. قالت كوناييف: “كان التأثير الأهم هو (تأثير)المعلومات”، والتي يمكن أن تمنح القوات الأوكرانية “القدرة على حماية نفسها، واستباق الهجمات على خطوط الإمداد”. وستعمل أنظمة الرادار على زيادة تلك المعلومات الاستخباراتية، حيث تعمل رادارات المراقبة الجوية وأنظمة هيمارس على تعطيل قدرة روسيا على السيطرة الجوية.
لكن في الوقت الحالي، يمكن أن يكونَ لقصف الجانب الروسي تأثير أكبر بكثير على ساحة المعركة – وعلى سلامة المدنيين. أوضحت كوناييف أن “المدفعية الروسية تسببت في أكبر قدر من الضرر” متسببة في تسوية مدن مثل ماريوبول وسيفيرودونيتسك، ولكن من المأمول أن يؤدي، الجمع بين الرادارات المضادة للمدفعية والأسلحة المتنقلة بعيدة المدى إلى منع روسيا من “السيطرة على الأنقاض”. بعبارة أخرى – ادعاء النصر من خلال إخضاع وتدمير المراكز السكانية.
قد يشمل مستقبل الحرب أسلحة مختلفة، لكن سيكون لها نفس الآثار الطاحنة
كرر بايدن موقفه المعلن طوال الوقت منذ بداية الحرب – أن الولايات المتحدة وحلف الناتو لا يسعيان إلى حرب مع روسيا، وأن الولايات المتحدة ستستمر في تسليح أوكرانيا لأن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به – لكنه لا يزال ليس واضحا تماما، وبالأخذ في الاعتبار على مدى وحشية واستعار الحرب الآن، يبدو أن الميدان سيكون مفتوحا من حيث الأسلحة الإضافية التي ستقوم الولايات المتحدة بتزويدها لأوكرانيا، والتي، كما أشار كاهل في مؤتمره الصحفي الأربعاء، من الممكن أن تشمل المزيد من أنظمة هيمارس. أياً كانت الموارد الإضافية في الطريق، فمن المرجح أن يكون الصيف القادم ساخناً ودموياً ومدمراً كما كان في الأسابيع القليلة الماضية، حيث تعترف بذلك دراسة حديثة لمجلة بوليتكو. فتقول، حتى لو كانت أوكرانيا قادرةً على التحول إلى الهجوم والبدء في استعادة الأراضي، فسيكون ذلك ببطء – رويداً رويداً، موقعاً موقعاً وقريةً قرية، كما يقول سيرهي هايداي رئيس الحكومة العسكرية في لوهانسك إحدى المناطق التي تشكل (إقليم) دونباس. حتى ذلك الحين، تقوم القوات الروسية بإمطار المواقع الأوكرانية بوابل من قذائف المدفعية والتقدم التدريجي. كما قال هايداي لبوليتيكو، “إنهم يدمرون كل شيء ثم يتحركون فوق الأنقاض”.
[1] نظام لإطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (GMLRS) هو نظام أرض-أرض يستخدم لمهاجمة الأهداف وتحييدها وتدميرها باستخدام نيران دقيقة غير مباشرة تصل إلى أكثر من 70 كم وتتمتع ذخائر GMLRS بدقة أكبر من الصواريخ الباليستية