المصدر: المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)
ترجمة: مركز الخطابي للدراسات – كانون الثاني / يناير 2023
أتاحَ لنا الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 فرصةً لا تقدر بثمن لتقييم قدرات الجيش الروسي وانعكاسات القدرات المطوَّرة على الحرب الحديثة. تفتقر العديد من الأحكام المطلقة حول هذه المسألة للبيانات الداعمة أو الفهم الدقيق للتخطيط العملياتي الأوكراني وصناعة القرار. ولكي نضمن أن تكون الدروس المستفادة من الحرب مبنية على أسس واضحة، نسعى من خلال هذا التقرير إلى تحديد الدروس الرئيسية المستفادة اعتمادًا على البيانات العملياتية التي جمعتها هيئة الأركان العامة الأوكرانية من العمليات القتالية بين شهري شباط وحزيران من سنة 2022. ولأنه لا يمكن نشر هذه البيانات للعموم حتى الآن، فإن هذه الورقة تُعَدُّ شهادةً على الأحداث وليست دراسةً أكاديميةً، إذ أنها غير مكتملة نظرًا لضرورات الأمن العملياتي.
خططت روسيا لغزو أوكرانيا خلال عشر أيام واحتلالها تمهيدًا لضمها بحلول أغسطس 2022، واقتضت خطتها مسبقًا السرعة في الحركة وخداع القوات الأوكرانية لإبقائها بعيدة عن كييف، ما يساعد بالسيطرة السريعة على العاصمة. نجحت خطة الخداع الروسية إلى حد كبير وحقق الروس تقدمًا كبيرًا شمال كييف، لكن الأمن العملياتي الروسي ذاته الذي مكّن الروس من خداع الجيش الأوكراني أضعف استعداد الجيش الروسي على المستوى التكتيكي لتنفيذ الخطة بفعاليَّةٍ. افتقرت الخطة الروسية للخيارات البديلة، ونتيجةً لذلك وجدت القوات الروسية نفسها تتراجع بشكل مستمر أمام تحرك القوات الأوكرانية بعد أن فشل الهجوم السريع في تحقيق النتائج المرجوة. ورغم هذا التراجع، أعادت القوات الروسية التركيز على دونباس وحققت نجاحات مختلفة هناك خاصة بعد أن استُنزِفَت ذخيرة القوات الروسية بشكلٍ كبيرٍ، لكن هذه النجاحات تباطأت أمام تصميم القوات الأوكرانية رغم افتقارها للقدرات. واعتبارًا من نيسان، شكل الغرب العمق الإستراتيجي لأوكرانيا، وانتزعت القوات الأوكرانية زمام المبادرة من القوات الروسية بعد أن هددت الصواريخُ بعيدةُ المدى الخطوطَ اللوجستيةَ الروسيَّةَ.